رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندي

الحياة تتقلب وتتلون ولا يدوم لها حال, ليست على وتيرة واحدة, فهى دار بلاء وأمراض، ما من إنسان إلا ولابد أن يواجه فيها مرضاً وعافية، سروراً وحزناً، سراء وضراء، والمرض إرادة الله لعباده، ليكفّر عنهم ذنوبهم، وليعرفوا قيمة الصحة، وليقدروا نعم الله عز وجل حق قدرها، وليشعروا بضعفهم أمام قوة خالقهم، ولتكون فترات المرض محطات عظة وتذكّر، يعود بعدها المريض إلى واحة الإيمان بالله.

ولا بد للمريض أن يأخذ بالأسباب؛ فهى من قدر الله، فمن مرض فعليه التداوى لأن المرض قدر والدواء قدر، ونجاح الدواء فى علاج المرض مرهون بقدر الله, وبالإيمان بالقضاء والقدر تستقر حقيقة الإيمان فى القلوب.

يقول الحسن البصرى رحمه الله:» استوى الناس فى العافية، فإذا نزل البلاء تباينوا».

وإن مما يبعث الاطمئنان فى نفس المريض أن يعلم أن فى مرضه ثواباً عظيماً وفوائد كبيرة، أهمهما أن المرض تهذيب للنفس وتصفية لها من الشر فإذا أصيب العبد فلا يقل: من أين هذا؟ ولكن يتذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم «ما يصيب المؤمن من وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفّر الله بها عن خطاياه».

وقال صلى الله عليه وسلم: «ولا يزال البلاء بالمؤمن فى أهله وماله وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة»، فإذا كان للعبد ذنوب ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن أو المرض، وفى هذا تبشير للمؤمن.

ومن فوائد المرض اللذة الآجلة فى الآخرة، فالله عز وجل يبدّل مرارة الدنيا حلاوة فى الآخرة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر».

وإذا نزل بالعبد مرض أو مصيبة فحمد الله عز وجل وصبر واسترجع، أعطاه الله من الأجر ما لا يعلم، قال سبحانه وتعالى: «إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب».

وأهل العافية يوم القيامة يتمنون لو أن جلودهم وأجسادهم كانت تقرض بالمقاريض، لما يرون من ثواب أهل البلاء والأمراض عند الله.

ومن فوائد المرض أنه يعرف به صبر العبد على بلواه، وأن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضى فله الرضا، ومن سخط فله السخط.

فإذا صبر العبد واحتسب كُتب فى ديوان الصابرين, وإن حمد وشكر كتب فى ديوان الشاكرينَ ويكفى الشاكرين شرفاً أن الله وعدهم الزيادة، قال تعالى: «لئن شكرتم لأزيدنكم».

والصبر المطلوب هو الصبر الجميل،  بلا ضجر، بلا قلق، بلا اعتراض، صبر باللسان والقلب معاً،  «فاصبر صبراً جميلاً».

ومن فوائد المرض أيضًا  قرب المريض من الله عز وجل، وقرب الله من المريض، وهذا قرب خاص، يقول الله سبحانه فى الحديث القدسي: «يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني! قال: يارب، وكيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدى فلان مرض فلم تعده، أما إنك لو عدته لوجدتنى عنده» فالله عز وجل عند المنكسرة قلوبهم.

و المرض سبب للدعاء والذل والانكسار بين يدى الله عز وجل، فكم من أناس أعرضوا عن اللجوء إلى الله فمرضوا فلجأوا إلى الله خاشعين منكسرين, فيحدث لهم من الانكسار، وإخلاص الدعاء ما يزيدهم  إيمانا ويقينا.

ولنتأمل عظم بلاء أيوب، فقد المال والأهل، وأصابه المرض فى جسمه كله، حتى ما بقى إلا القلب واللسان، ومع ذلك كان يمسى ويصبح وهو يحمد الله، يمسى ويصبح وهو راض عن الله، لأنه يعلم أن الأمور كلها بيد الله، فلم يشتك ألمه وسقمه لأحد، ونادى مستغيثاً بالمغيث، فجاءه الجواب: «اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب»، فكشف الله ضره، وأثنى عليه بقوله: «إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب».

«ربى إنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين».

 

[email protected]