رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بدون رتوش

هل يمكن لأوروبا أن تظل موحدة فى مواقفها إزاء روسيا بشأن الحرب الجارية فى أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضى؟ أم أن هناك إمكانية فى انفصام عرى هذه الوحدة تحت وطأة انقلاب المزاج الشعبى بعد العقوبات التى فرضت على روسيا وأثرت بالسلب على أسعار الطاقة التى ارتفعت، مع النقص فى التدفئة والمعاناة التى تنتظر الشعب الأوروبى فى الشتاء القادم نتيجة لقيام شركة غازبروم التى يسيطر عليها الكرملين بتخفيض الإمدادات من خلال خط الأنابيب (نورد ستريم) الذى يربط روسيا بألمانيا، مما أدى إلى زيادة التكاليف للصناعة ودفع أوروبا نحو الركود. وعليه فإن الوضع الآن قد يتغير بحيث لا يستمر الاتحاد الأوروبى كجبهة واحدة إزاء التضخم المتصاعد، وأزمة تكاليف المعيشة والتعامل مع الطاقة. فدول الاتحاد الأوروبى تواجه اليوم اختبارا قاسيا قد لا يمكنهم معه الاستمرار فى تضامنهم ضد روسيا إزاء حربها فى أوكرانيا، لا سيما مع مطالبة المستهلك الغاضب منها بضرورة تخفيف العداء لموسكو ورفع العقوبات عنها.

لقد لعبها بوتين بذكاء، فهو يدرك بأنه كلما زادت معاناة الأوروبيين من جراء ضغط الطاقة زاد ضغط المستهلكين على قادة الاتحاد الأوروبى للتخفيف من عقوباتهم ضد روسيا. لا سيما بعد أن ثبت أن فرض العقوبات ضد روسيا تحديدا جاء بنتائج سلبية على أوروبا. حيث ألحقت العقوبات الضرر بالاقتصاد الأوروبى أكثر من كونها أثرت بالسلب على الاقتصاد الروسى. وبالتالى فإن بقاء الدول الغربية المتحالفة ضد روسيا على ما هى عليه سينعكس على روسيا بالسلب حيث ستتعرض لضربة قاسية من جراء العقوبات وانسحاب الشركات التجارية منها، وهو ما أصاب الاقتصاد الروسى بالشلل، وبالتالى لا سبيل لخروج روسيا من هذا الوضع السيئ طالما بقيت الدول الأوروبية متحالفة ضدها، وموحدة فى الحفاظ على فرض العقوبات ضدها والعمل على زيادتها.

بيد أن توجهاً مختلفاً شرعت فيه دول أوروبية حيث طالب بعض ساستها بإعادة التفكير بالأمر بعد الخسائر الهائلة فى الوظائف، مع نقص الديزل والبنزين فى جميع أنحاء المنطقة. بل وسينفد الوقود من المولات والمستشفيات وحتى مطار برلين الدولى. وعليه طرأ تغيير يؤكد أن الوحدة الأوروبية لا سيما على صعيد الطاقة ليست صلبة. وفى هذا الإطار أعلن الاتحاد الأوروبى مؤخرا عن خطط لخفض استهلاك الغاز بنسبة 15%. إلا أن الصفقة تمت بإعفاءات تفاوضت عليها الدول الأعضاء. وبذلك ظهر أن الوحدة الأوروبية لا سيما على صعيد الطاقة ليست صلبة. وظهرت إيطاليا نموذجا لإمكانية تغيير موقفها الداعم للعقوبات. واليوم نقول حان الوقت لمراجعة التقدم فى الحرب الروسية الأوكرانية لنتساءل من الفائز ومن الخاسر؟ بعيدا عن ساحة المعارك هناك تأثيرات استراتيجية أخرى تلعب دورها. ولكن يبدو أن الصورة الاقتصادية تتحرك لصالح بوتين، فرغم أن للعقوبات تأثيرا سلبيا على الاقتصاد الروسى إلا أن قوة الروبل تفرض نفسها. بل إن إمدادات الطاقة المستمرة للغرب تدعم آلة الحرب الروسية, هذا بالإضافة إلى أن أسواق شرق آسيا تقوم بشراء الامدادات الروسية النفطية. وعليه فإن المخاوف تثار حول خروج دول متعطشة للطاقة كألمانيا والنمسا وإيطاليا من التماسك الحالى للدول الغربية فيما يتعلق بالعقوبات على روسيا مما يمنح بوتين الأمل فى تحقيق هذا الهدف الاستراتيجى المتمثل فى تقسيم الناتو ليصبح حقيقة بدلا من أن يكون مجرد حلم.