رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

 

 

كان أول ما نزل على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قول الله عز وجل: {اقرأ}، وبهذا كان أول أمر سماوى للمسلمين هو القراءة {اقرأ باسم ربك الذى خلق} (العلق: 1)، ولم يأتِ الأمر بالقراءة فى الآية الكريمة مقيداً بمفعول معين، فلم يقل مثلاً: اقرأ القرآن، ويؤخذ من هذا أن الأمر جاء بإيجاد القراءة وإحداثها دون تقييد بمجال معرفى معين، وهذا معناه الانفتاح على كل مجالات المعرفة الإنسانية، وأن القراءة فى العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والقراءة فى العلوم الاجتماعية كالاقتصاد وعلم النفس كالقراءة فى التفسير والحديث والفقه من حيث الأمر الشرعى بها.

وقد جاء الأمر بهذه القراءة متصلاً بقول المولى سبحانه: {باسم ربك الذى خلق} أى: إن القراءة فى مجالات المعرفة المختلفة لا بد أن تفتتح باسم الله، وأن يستعان فيها باسم الله، وأن يستصحب فيها اسم الله، ومن ثمار هذا أن تكون القراءة قويمةً، وأن تؤتى ثمارها الخلقية والعلمية معاً، وآفة كثير من المجتمعات المتقدمة علمياً انفصال العلم عن الخلق، فلا تمتد لها يد بخير وعطاء إلا وامتدت يدها الأخرى بانحراف ودمار تشقى به الإنسانية.

والقراءة الصحيحة لا تقف عند حدود الفائدة المعرفية والثقافية، وإنما تحرص مع ذلك على اكتساب سعة الأفق وبعد النظر، وتدريب الذهن على ترتيب المعلومات واستثمارها والإفادة منها، وهذه الأمور لا يستطيعها كل قارئ، ومن هنا كانت القراءة فناً يورثه جيل لجيل، ويأخذه التلميذ عن الشيخ والأستاذ.

وهذا يكشف لنا أهمية أن نقرأ لأبنائنا، إن قراءة الآباء للأبناء معناها غرس هذه المعانى الجليلة فى نفوسهم وتنميتها حتى تؤتى ثمارها فى مستقبلهم، فالقراءة للأبناء نوع من التربية العملية، وتعد صورة مصغرة لدور الوالدين فى الحياة، الذى يتضمن الإرشاد والتوعية ونقل المعرفة والخبرة، وفيها يشعر الطفل بتشارك الأب معه، وهذا وحده كافٍ فى الاهتمام بشأنها، فهى تفتح قناة تواصلٍ قطعتها الوسائل الإلكترونية فى هذا العصر بما فيها من عوالم افتراضية جعلت أفراد الأسرة الواحدة- حتى إن جمعتهم مائدة واحدة- كالجزر المنعزلة يشعر كل منهم بانفراد، وقد ترتب على هذا ما نجنى آثاره السيئة الآن.

ثم هى تغرس فى الطفل احترام ذى العلم والخبرة الحياتية والإفادة منه، وهذا من لَبِنَات بناء الثقافات والمعارف وصناعة الحضارة؛ لأن هذه الأمور كلها كالبناء الضخم لا يوجد فيه تالٍ إلا بعد سابقٍ، فهى متصلة اتصال الأجيال المتناسلة ليس بينها انقطاع، وأى انقطاع فيها معناه البدء من نقطة الصفر مرة أخرى.

كما أن القراءة للأطفال تجعلهم يجيدون الاستماع، وهو فى ذاته مهارة تحرص المناهج التعليمية الحديثة على تنميتها، فهو أساس فى نقل العلم والمعرفة والثقافة.

ولهذا ينبغى أن يعتنى الوالدان باختيار مصادر القراءة، وأن يحرصا على أن تكون هذه الجلسة ممتعةً يحبها الطفل ويرغب فيها، ولا يشعر بأنه فى حصة ثقيلة مملة، وأن يدربا الطفل- بصورة غير مباشرة- على الفهم العميق غير السطحى، فعملية الفهم أساس التنشئة الصحيحة، والفهم الخاطئ سبب فى التطرف الفكرى، وأن ترتبط المعرفة بالأخلاق ارتباطاً وثيقاً فى نفس الطفل، فيعلم أن الزيادة فى أى مجال من مجالات العلم ينبغى أن تزيد صاحبها معرفة بالله عز وجل وحباً له وخشية منه {إنما يخشى الله من عباده العلماء} (فاطر: 28).