رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون لمصر مكانة ومنزلة خاصة فى مراحل حرجة من تاريخ البشرية؛ إنها منزلة الشقيق الأكبر صاحب الرفد والعون والعطاء المادى والمعنوى.

ألمَّ بمصر قحط امتد إلى ما جاورها من بلدانٍ حتى وصل إلى حيث يقيم نبى الله يعقوب عليه السلام وبنوه، ولكن شاءت عناية الله أن يكون نبيه الكريم سيدنا يوسف عليه السلام عزيزاً لمصر ومتولياً أمر خزائنها قبل الأزمة وإبانها.

والقصة تحتاج إلى شىء من التدبر والتأمل؛ لأنها تمثل منهجاً كاملاً فى الحياة وليس موقفاً عابراً، لقد فهم سيدنا يوسف عليه السلام من رؤيا الملك- وقد آتاه الله علم تأويل الرؤى- أنه سينزل بالبلاد جدب وقحط، فأخبرهم وأرشدهم إلى السياسة الحكيمة لإدارة هذه الفترة العصيبة، فأدناه الملك منه وقربه، فصارت له منزلة رفيعة، وصار محل ثقة الملك وائتمانه {قال إنك اليوم لدينا مكين أمين}(يوسف: 54)؛ و«المكين» هو ذو المكانة، وهذا يدل على أنه عليه السلام صارت له منزلة عليا عند الملك وفى دولته وحكومته، و«الأمين» هو المؤتمن محل الثقة، وهذا يدل على أنه عليه السلام صار مستشاراً للملك؛ إذن صارت لسيدنا يوسف عليه السلام منزلة رسمية عليا فى مصر.

وهنا يقترح نبى الله سيدنا يوسف عليه السلام على الملك أن يتولى الموقع الذى يمكنه من إدارة الأزمة المقبلة، {قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم}(يوسف: 55)، إنه أخطر المواقع فى هذا الزمن وأدقها وأصعبها إدارة خصوصاً فى مثل هذه الأزمة، وذكر الصديق ما يؤهله أكثر من غيره لهذا المنصب فقال {إنى حفيظ عليم} فهو منصب يحتاج إلى مسئول حفيظ لديه كل ما يستلزمه الحفظ من أمانة ودقة ورقابة ورعاية، وهو عليه السلام (أمين)، كما أنه ينبغى أيضاً أن يكون ذا علمٍ دقيق بموارد الدولة ومصادر الدخل والإنتاج والاستهلاك والإنفاق، وطرائق التوزيع العادلة، والتى تحفظ أيضاً على الدولة رصيدها الاحتياطى، وغير هذا مما يجعل لصاحبه مكانة متميزة مرموقة، وهو عليه السلام (مكين).

نحن أمام منهجٍ معصومٍ فيه إيثار المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، حتى إن وقع على الإنسان ظلم، فسيدنا يوسف عليه السلام فسر لهم ما أشكل عليهم من رؤيا الملك، وحذرهم مما سيكون من أزمة الجدب، ورسم لهم سياسة الخروج من الأزمة دون طلب مقابلٍ، بل دون مساومة حتى على الخروج من السجن الذى حكم به عليه ظلماً، ثم لما صارت له منزلة اختار أن يكون فى الموضع الذى يستطيع منه القيام بمهمة إدارة الأزمة، على الرغم من شدة أعبائه، فليست الولايات العامة ترفاً وأبهة، وإنما هى أمانات لا يليها إلا من هو أهل لها من أهل الكفايات، ومن لديه تخطيط مستقبلى وسياسة عمل، وإدراك للواقع، واستشراف للمستقبل.

منَّ الله تعالى على نبيه يوسف عليه السلام ومكن له فى منصبه هذا، وزاده تمكيناً فى مصر، فصار عزيزاً له قدرة على التصرف والتنقل فى جميع أرض مصر {وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين} (يوسف: 56).

على كل واحد منا أن يعمل بإتقان وإحسان، وأن يصلح فيما أقيم فيه، وهو ممتلئ يقيناً بأن الله لن يضيع أجر من أتقن العمل وأحسنه، وقد بلغ من إحسان سيدنا يوسف عليه السلام العمل أنه كان يقوم عليه بنفسه، حتى إن إخوته لما مسهم القحط وخرجوا إلى مصر- التى استطاعت بفضل نبى الله المحسن تجاوز الأزمة- إذا بهم يدخلون عليه {وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون}(يوسف: 58).

مدت مصر يد العون للبلاد من حولها وفق سياسة نبى الله الكريم سيدنا يوسف عليه السلام، فكانت تستقبل الوفود وتحسن استضافتهم، ويباع لهم ما يحتاجون من قوت دون استغلال حاجة أو مغالاة أو تطفيف فى حق {ألا ترون أنى أوفى الكيل وأنا خير المنزلين} (يوسف: 59).

--

 

رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ

نائب رئيس جامعة الأزهر لشئون التعليم والطلاب السابق