عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

تتمتع الحضارة الغربية بعنصرية مقيتة ضد الآخر المغاير لها فى الثقافة والحضارة، حيث ينظر الغرب إلى نفسه ليس بوصفه صاحب حضارة تتمتع بالخصوصية بل صاحب حضارة كونية ينبغى أن تقتدى بها شعوب العالم، ولذا فهذه الحضارة تتعصب لتفوق الرجل الأبيض على بقية ألوان البشر وثقافتهم. وربما على هذا الأساس منح الغرب نفسه الحق فى استعمار الشعوب فى الحقبة الاستعمارية، والسيطرة على مقدراتهم، وصدر الغرب نفسه للعالم أنه لم يأت للاستعمار، ولكنه جاء رافعًا لراية الحضارة والمدنية، وما رسالتهم هذه سوى وهم لم يكن له أى أثر على الأرض، وما كان على الأرض هو سرقة ونهب الغرب لثروات الشعوب، وقتل أهل البلاد المستعمر، وإبادة الشعوب المستعمرة، وعلى منوال ذلك كانت فعل الرجل الأبيض فى أمريكا حين قتلوا الهنود الحمر أهل البلاد الأصليين، واستقدموا الزنوج من غرب افريقيا كعبيد يعملون فى الزراعة، ويعانون العبودية لردح طويل من الزمن، ومازالوا يعانون العنصرية إلى الآن.

لم يبن الرجل الأبيض حضارته إلا على حصاد مستمر من البلاد المستعمرة وخيراتها، ولم يستطع أى شعب فى العالم أن يقف ضد إرادة الغرب، وضد الحقوق المطلقة للرجل الأبيض على بقية أجناس البشرية، وحين انحصرت الحقبة الاستعمارية فى العالم، أصبح الغرب الآن يفرض وصايته على بقية أرجاء العالم باسم حقوق الإنسان.

ومنذ العقود الثلاثة الأخيرة يتعامل الغرب مع كل ما يتعلق بالعالم العربى رافعًا راية حقوق الإنسان، ويصمت الغرب على ما يحدث اليمن وسوريا وليبيا وفلسطين، بل إن الغرب وروسيا معًا أسهموا فى تدمير سوريا وسط صمت عالمى، ومن قبل قامت أمريكا بتدمير العراق بدون موافقة الأمم المتحدة.

وبالمقابل لا يجرؤ الغرب الحديث على حقوق الإنسان للدول القوية مثل الصين وروسيا لأن هذه الدول لا تسمح للغرب بالتدخل فى شئونها الداخلية، ولكن هذه الراية لا يرفعها الغرب إلا ضد الدول الضعيفة، والتى تسعى إلى ترسيخ تبعية هذه الدول لها، والسيطرة على ثرواتها والتحكم فيها.

  واليوم يكشف لنا الغرب عن وجهه القبيح العنصرى فى الأزمة الروية الأوكرانية، فما طلبته روسيا هو ضرورة الحفاظ على أمنها القومى، وهو حق أصيل لدولة عظمى فى العالم، رأت أن تدخل الغرب فى أوكرانيا يهدد أمنها القومى، وخاصة أن أوكرانيا كانت جزءًا أصيلًا فى الاتحاد السوفيتى سابقا، وفى الوقت ذاته فإن الغرب لا يدافع عن أوكرانيا بل هو من دفعها للهلاك، وأن تكون هى حائط صد ضد روسيا، ولقد تعرت أمريكا وأوروبا فى هذه الحرب، وتكشف للعالم مدى الضعف الذى تعيشه أمريكا، والخوف والهوان الذى يسود أوروبا، وتكشف مدى العنصرية المقيتة التى يتصرف بها الغرب، وهو مالم يرض به بوتين ووصف ممارسات الغرب معهم بأنها ممارسات وقحة.

 ولذا فإن الصراع البادى الآن هو صراع بين الشرق والغرب، بين روسيا والصين والهند من جانب وأمريكا والغرب من جانب آخر، والشرق يقدم نفسه بوصفه يملك قيمًا حضارية وروحية مغايرة للغرب، ومع تنامى الصراع الاقتصادى بينهم، واتضح من الصراع رفض الشرق لاستمرارية بقاء العالم بصورته الحالية التى يسيطر عليها قطب واحد وثقافة واحدة تصدر نفسها على أنها الثقافة الكونية، ورفض تمدد الغرب على أراضى الشرق، وأعتقد أن الحرب الروسية الأوكرانية ستكون لحظة فارقة فى تاريخ البشرية، لها ما قبل وما بعد، ومن صالح كل العالم أن نعيش فى عالم متعدد الأقطاب والثقافات، وأن لا يعيش العالم تحت إمرة البلطجة الأمريكية، وعنصرية الغرب المقيتة.