رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

 

 

يمثل الصحفى القدير مصطفى عبيد حالة تستدعى التأمل فى غزارة أعماله ما بين الأدب، والترجمة، والتاريخ، وذلك فى أعماله التى تتجاوز خمسة عشر عملا، تعالج قضايا مختلفة فى حقول ثقافية مغايرة، وفى كتابه الأخير (ضد التاريخ... تفنيد أكاذيب السلطة وتفنيد أوهام الشعب) وبعد الاطلاع على عمله سألت نفسى هل هو حقًا ضد التاريخ؟ أم أنه يبحث عن تاريخ مغاير؟ فما كتبه مصطفى عبيد فى كتابه ليس ضد التاريخ، ولكنه يبحث عن رؤى جديد لما استقر وساد فى الأذهان، ويؤكد أهمية نقد الروايات السائدة فى الوقائع التاريخية، فهل نجح مصطفى عبيد فى محاولته لبحث عن تاريخ مغاير؟ نقول يخطئ من يظن أن التاريخ يكتبه أفراد الشعب.

يأتى تقييم مصطفى عبيد لشخصية مصطفى كامل لتأييد وجهة نظر سعد زغلول السلبية عن مصطفى كامل، بأنه أخذ أكثر ما يستحق من تقدير شعبى فى مصر، ورأى أن مصطفى كامل كان مواليا للدولة العثمانية، ولكنه لم يحلل أن تيار الولاء لهذه الدولة كان موجودا لدى جمال الدين الأفغانى والعديد من الشخصيات فى تلك الفترة التاريخية ومنهم أحمد شوقى، ومحمد فريد، وعبد العزيز جاويش وغيرهم، ولم يقتصر الأمر فى ذلك على مصطفى كامل، كما أن من الظلم البين تقييم شخصية تاريخية من خلال اللحظة التاريخية الراهنة، بل ينبغى تقييمها فى ضوء السياق الذى تخلقت فيها، وتبدو الأحكام الكيفية فى رؤية عبيد باتهامه لمصطفى كامل بأنه كان بليدا فى دراسته، ولا أدرى ما علاقة ذلك بتقييم دور تاريخى لهذه الشخصية، سوى أن الجانب العاطفى يحرك المؤلف فيما يكتب، كما أن النزعة المصرية فى حياتنا الثقافية قد بدأت تبرز بصورة قوية مع بشائر سقوط الخلافة العثمانية.

وفى تحليل مصطفى عبيد لشخصية إسماعيل صدقى رئيس وزراء مصر، والذى كان ينظر له على أنه ضد الشعب، نجد أن مصطفى عبيد يعدد إنجازات إسماعيل صدقى الاقتصادية، ويبرر عرض ميزاته فى أنه كان لا يخشى من العوام، وأنه كان يضع مصلحة الوطن أمام عينه، والواقع أن نظرة إسماعيل صدقى كانت تقوم على احتقار واضح للشعب المصرى، ولم يكن يهمه سوى رضا الملك ومجلس النواب.

وعلى الرغم من وعى مصطفى عبيد بتطور حياة سيد قطب، والأسباب المؤسسة للعنف فى كتاباته، وقد تعرض لها فى كتابه، فإن مصطفى عبيد يركز على روايته أشواق التى تعرض لقصة حب فاشلة عاشها سيد قطب، ومن خلال تحليله للرواية نجده يرجع ما وصل إليه سيد قطب فى كتاباته إلى اخفاق سيد قطب فى حياته العاطفية، وفى هذا اختزال مخل.

ويعرض مصطفى عبيد قراءة خاصة للكتاب الأسود الذى أصدره مكرم عبيد عن مصطفى النحاس باشا، والذى يطعن فيه على النحاس باشا، وعن زواجه من زينب الوكيل، والطعن فى أملاك زينب الوكيل ويعرض الرد عليه من خلال الكتاب الأبيض لمصطفى النحاس الذى يرد فيه على مطاعن مكرم باشا عبيد، ويتخذ مصطفى عبيد موقفا مناصرا للنحاس باشا، ويحلل ذلك من خلال تحليل شخصية مكرم عبيد بأنه متطرف فى حبه، ومتطرف فى عداوته أيضاً، وبأنه لم يكن موضوعيا حين اختلف مع مصطفى النحاس.

والواقع أن كتاب ضد التاريخ هو كتاب ضد القراءات السائدة لبعض وقائع التاريخ، وهو بالمقابل يقدم قراءات مغايرة لهذه الوقائع، فالكتاب كتاب فى التاريخ المغاير من وجهة نظر مصطفى عبيد، لأن عملية التأريخ تحتمل وجهات النظر المتعددة، وأن كل قراءة تاريخية هى قراءة نسبية للحقيقة تنطلق من موقع كل كاتب أو مؤرخ، ولذا فالكتاب ليس ضد التاريخ، وهو لا يقدم برؤيته الحقيقة المطلقة،بل الحقيقة من وجهة نظره هو، ولكنها وجهة نظر جديرة بالاحترام والتقدير.