عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 تعرض صديق العمر الفنان الرائع محمد الطراوى لأزمة صحية عنيفة داخ بسببها بين الأطباء حتى استقر مؤخراً فى مستشفى لها فى القلب منازل وهى مستشفى معهد ناصر.. وهذا الصرح الطبى سبق أن أقمنا فيه أيام المدير الكبير الدكتور محمد الشريف عندما أصيب الولد الشقى بجلطة فى المخ، تقرر أن يظل فى المكان حتى إذابة الجلطة وأشهد أن المكان كان أشبه بمستشفى رويال هوسبيتال فى لندن.. النظام كما الساعة اليابانى والنضافة سمة المكان والأطباء لهم سمعة كما الطبل.. تنتظر المصعد فلا يتأخر سوى ثوانى وهنا عمال للنظافة للحفاظ على المكان الذى كان مثارا للفخر لبلدنا.. مع شديد الأسف عندما زرت زميل العمر محمد الطراوى الأسبوع الماضي.. وجدت المكان الذى كان أحد معالم كورنيش النيل قد أصابه الوهن ومن حوله خراب بكل معنى الكلمة وأعمال للبناء متوقفة، وعندما دخلت إلى المبنى حزنت لما جرى له، فالإهمال أصبح السمة التى فرضت نفسها على المكان. انتظرت الأسانسير واكتشفت أنه مثل «جوتة» الذى لا يجيء ابداً.. ونصحنى أحدهم بأن أستخدم المصعد المخصص لنقل الأطعمة للمرضي.. وبالفعل ركبت وأنا أشعر بأننى لن أخرج أبدا من هذا السجن الحديدي.. المهم أننى بلغت مقصدى ودخلت غرفة الطراوى فى الطابق السادس.. وجدت أعماق الأسى مرسومة على الوجه الذى كان عنواناً للبشاشة يرسم البهجة فى القلوب بفضل شخصه وفنه النادر التكرار، ولم يكن حزن الطراوى بسبب المرض.. فهو يؤمن بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. فهو قانع وراضٍ بما قسم له المولى عز وجل.. ولكن الطراوى حزين حزن غرائب الإبل بسبب موبايله الذى هو حافظة لكل أعمال الطراوى الفنية ناهيك عن أرقام لعدد من الأصدقاء والمعارف والفنانين والمسئولين يفوق عددهم دائرة المعارف البريطانية.. وأصل الحكاية أن الطراوى خضع لجراحة فى الصدر لأخذ عينة عاد بعدها إلى غرفته واستسلم لنوم عميق وعندما استيقظ على ألم لم يتحمله الفنان المرهف الحس.. طلب دواء يسكن هذا الوحش الذى ينهش صدره متمثلاً فى الألم الرهيب الذى أعقب عملية استئصال العينة وبحث الطراوى عن موبايله.. فازداد الألم والحزن والأسى وهى أشياء لا يمكن لأى دواء أن يسكنها أو يداويها.. بالطبع اتصلت بمدير المستشفى عن طريق الواتس أب وكان رجلاً فاضلاً شديد التهذيب فى رده الدكتور محمود سعيد وشرح لى القواميس الخاصة بمتعلقات المرضى.. على أساس أنها مسئولية المريض وحده.. وحاول ابن الطراوى الشاب الطيب البار بوالديه باسل أن يحرر محضراً فى المستشفى فاكتشف أنه أمام واحدة من المستحيلات بل إنها الرابعة بعد الغول والعنقاء والخل الوفى ونصحته بالاتجاه إلى نقطة الساحل.. واستغرق ثلاث ساعات بالتمام والكمال من أجل عمل محضر وهو أمر أتمنى من وزارة الداخلية أن تجد له حلاً.. فليس من المعقول ونحن مقبلون على تحديث كل أوجه الحياة فى مصر وتلك الثورة التى تشهدها الدولة فى عصر السيسى أن نلطع المواطن ثلاث ساعات من أجل أن يحرر محضر سرقة، وكان ما يهمنى أن يكون الطراوى محاطاً بكافة أنواع الرعاية الطبية.. والحق أقول إنه أكد فى أن الأمور الطبية تمضى على خير ما يرام، ولم أستطع أن اجلس إلى الطراوى كثيرا حتى لا يؤثر الكلام على حالته الصحية، وحرصت على أن أكون ضيفاً خفيفاً وقبلت صديق العمل وبكينا ونحن نسترجع تلك الأيام الممتعة التى شهدت البدايات وتذكرنا بالخير بالطبع الولد الشقى السعدنى الكبير.. وكان على خلاف أيامها مع رئيس مجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف الأستاذ عبدالعزيز خميس.. وكانت بينهما قضايا فى المحاكم.. فقد رفع عبدالعزيز خميس قضية على السعدني.. باعتباره يتقاضى مرتبه من روز اليوسف ولا يكتب.. فى حين يكتب فى مجلة المصور.. بلا مقابل.. وعندما سأل القاضى السعدني.. ايه قولك يا أستاذ محمود فيما يقول الأستاذ خميس.. فوقف السعدنى واقترب من القاضي.. وقال.. كلامه مضبوط وتمام التمام يا سيادة القاضي.. بس أنا كمان عاوز أرفع ضده قضية.. فقال القاضى عندك أسباب؟.. فقال السعدني.. نعم.. فهو يكتب.. وكمان بيقبض يا أفندم.. هنا انهار القاضى من الضحك هو وهيئة المحكمة وعبدالعزيز خميس نفسه.. وتم الصلح بعد ذلك.. وذهب السعدنى إلى خميس فى مكتبه وقال.. إحنا قربنا نموت يا عبدالعزيز وانت لازم تعمل حاجة كويسة قبل ما تموت.. فاعتدل خميس وقال للسعدني.. عاوزنى أعمل إيه يا عم محمود؟.. فقال له.. تعين الواد أكرم وزمايله.. محمد الطراوي.. ومحمد عبدالنور وأمسك عبدالعزيز خميس بورقة وقلم.. وكتب قرار التعيين.. ونادى بأعلى حسه.. يا أبو جريشة الساعى الخاص به.. ومنحه الورقة.. وهو يقول للسعدني.. يعنى إحنا لو متنا دلوقت يا محمود حندخل الجنة؟.

ضحك الطراوى وامتزج الضحك بالبكاء.. وودعته وأنا أحمل هما ورعباً من ركوب المصعد.. وبالفعل اتجهت إلى مكان آخر خاص بخدمة المرضى والمترددين، الأرضية فى حاجة إلى مدفع ميدان لتنسف هذا المشهد المؤسف بجدرانه وابواب المصاعد المتهالكة وحتى الأزرار التى تستدعى المصاعد بعضها غير موجود، يعنى تدوس علشان تتكهرب، بالطبع هالنى ما رأيت وأنا هنا لا أحمل الطبيب الشديد التهذيب، محمود سعيد مدير المستشفى المسئولية، ولكن الإهمال الذى يصيب كل مرفق لا يملكه القطاع الخاص.. وأدعو سعادة وزير الصحة بالنيابة أو الصديق الرائع والطبيب الساخر الجميل عمنا عوض تاج الدين لزيادة معهد ناصر والوقوف على الأحوال التى هى بالتأكيد لا تسر غير الأعادى، معهد يحمل اسم ابن مصر العظيم جمال عبدالناصر هو كعبة البسطاء والفقراء من أهل مصر هؤلاء الذين يضعهم السيسى فى حساباته ويعمل جاهدا على تجميل ظروف حياتهم فى الريف وفي العشوائيات.. لا ينبغى أن نتركهم يتلقون العلاج فى مكان لا يصلح لهذه المهمة المقدسة.

تذكرت الولد الشـقى أبويا الجميل الممتع ونحن نزور مستشفى أم المصريين فى سابق العصر والزمان.. عندما قابل وزير الصحة أيامها وقال له: دى موش تشفى أم المصريين بعدها انقلبت الأوضاع وتحولت إلى مركز صحى يشبه مراكز أوروبا.. يا رب عمنا عوض تاج الدين يقرأ كلامى هذا أو معالى وزير الصحة بالنيابة أو ريسنا الكبير عبدالفتاح السيسى، يا رب معهد ناصر يرجع له البهاء الذى كان.