رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

تُعدُّ رحلتا الإسراء والمعراج أعظم المعجزات التى كرَّم الله بها نبيه محمدًا (صلى الله عليه وسلم)، واصطفاءً له ولأمته على العالمين؛ فخفف بهما ألمه، وأذهب حزنه، وأعلى شأنه، ورفع منزلته وأراه من آياته الكبرى؛ فكان قاب قوسين أو أدنى.

 "ويُعرف الإسراء بأنّه انتقال النبى (صلى الله عليه وسلم) ليلًا من البيت الحرام فى مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى فى بيت المقدس بروحه وجسده معًا راكبًا على دابة تسمى البُراق، بصحبة جبريل عليه السلام، وهناك صلَّى إمامًا بالأنبياء" وأمّا المعراج فهو ما أعقب رحلة الإسراء من الصعود بالنبى محمد إلى السماوات العُلى، وظل يصعد فيها حتى وصل إلى السماء السابعة، وهناك رُفع إلى سدرة المنتهى وبعدها إلى البيت المعمور، ثم العودة مرة أخرى إلى المسجد الأقصى، والعودة إلى المسجد الحرام حيث رجع النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى مكانه، وتعدّدت آراءُ عُلماء السِّير فى تحديد وقت الإسراء والمعراج، وأرجح هذه الأقول أنَّ الإسراء والمعراج وقع فى ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ من السنة الثانية عشرة للبعثة قبل الهجرة إلى المدينة المُنورة بسنة، وبعد معاناة النبى (صلى الله عليه وسلم) فى رحلته إلى الطائف، وهو المعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وحكاه كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين قديمًا وحديثًا.

تُعدُّ الرحلة الأرضية؛ «الإسراء» التى تمت بقدرة الله فى سرعة تتجاوز الخيال، ثم الرحلة السماوية؛ «المعراج» والارتفاع والارتقاء من عالم الأرض إلى عالم السماء، حيث سدرة المنتهى من مُعجزات نبينا محمدًا (صلى الله عليه وسلم)، المُتواترة الثابتة بنص القرآن الكريم فى سُورتى «الإسراء» و«النَّجم»، وبأحاديث السنة النبوية المطهرة فى الصحيحين والسُّنن والمسانيد ودواوين ومصنفات السُّنة، والتى انعقد على ثبوت أدلّتها ووقوع أحداثها إجماعُ المسلمين فى كل العصور؛ فقد تواترت الروايات فى حديث الإسراء عن عشرين صحابيًّا، بما لا يدع مجالًا لتشكيك طاعن، أو تحريف مُرجف، ولقد تحدث القرآن عن الإسراء صراحةً فى قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} {الإسراء: 1}، وتحدث القرآن عن المعراج ضمنًا فى قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْى يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} {النجم: 1-18}.

«سبب الإسراء والمعراج» تسرية عن قلب رسول اللَّه الحزين وفؤاده الجريح، بعد أنّ تعرَّض لعدة محن وابتلاءات؛ فتعرَّض لحصار خانق ثلاث سنوات، ثم فقد عمه أبى طالب وزوجته خديجة بنت خويلد، اللَّذين كانا يُؤانسانه ويُؤازرانه؛ فلقِّب هذا العام بعام الحزن، وبعد ما لاقاه من أذى أهل الطائف عندما توجه اليهم لنشر دعوته إلا أنهم كانوا أكثر غلظة فطردوه وسلطوا عليه صبيانهم وغلمانهم يرمونه بالحجارة فآذوه أذى شديدًا حتى سال الدم من قدمه الشريف؛ فأتى ظل شجرة، وصلى ركعتين ثم دعا ربه وقال: «اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس، يا أرحم الراحمين! أنت رب المستضعفين وأنت ربى إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى قريب ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى ولكن عافيتك هى أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بى غضبك أو يحل على سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك»؛ فواساه اللَّه سبحانه وتعالى بهذه الرحلة المباركة.

«الإسراء والمعراج حدث بالروح والجسد» اتفق جمهور العلماء، على أنّ الإسراء حدث بالروح والجسد؛ لأن القرآن صرَّح به؛ لقوله تعالى: {بِعَبْدِهِ} والعبد لا يطلق إلا على الروح والجسد، وأما المعراج فقد وقع خلاف فيه هل كان بالجسد أم بالروح، وجمهور العلماء من المحققين على أن المعراج وقع بالجسد والروح يقظة فى ليلة واحدة؛ لأن اللَّه عزَّ وَجلَّ قادرٌ على أن يعرج بالنبى (صلى الله عليه وسلم) بجسده وروحه، كما أسرى به بجسده وروحه.. أسأل اللَّه أنّ يرزقنا صلاةً فى المسجد الحرام، وسجدةً فى المسجد الأقصى.