رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

الأربعاء الماضى أعددت العدة للذهاب إلى مستشفى الجلاء العسكرى لزيارة أخى نبيل، فهو لا يزال فى الرعاية منذ ستة أيام. فجأة وقبل أن أصل جاءنى الخبر الصادم. نبيل توفاه الله. أصابنى الدوار وتملكتنى الحيرة. لقد توفى الأخ الحبيب الغالى الذى كان مرشدى فى الحياة، والناصح الأمين لى. ولهذا فإننى اليوم وبعد رحيله أشعر باليتم. إنه الفقد الكبير، كان كل حياتى وبفقده فقدت الحياة بدورى، حيث لا تستقيم لى حياة بدونه. حل على الفراغ بعد رحيله، فلقد كان داعمى الأكبر. واليوم تركنى أعانى الحزن والألم بعد أن حل بى البعد الأبدى عن أخى الغالى. بكت عيونى بحرقة فهى لا تستطيع النسيان. آلمها رحيله بعد أن غادر الحياة وتركنى رفيقًا لمشاعر الحزن أعيش على استعادة الذكريات.

آه من الفراق، ما أصعبه ولكن فرضته الأقدار ولابد أن نتقبله. بكيت كثيرًا سالت دموعى على وجهى. من أصعب الأمور أن يبكى الإنسان بلا دموع. بدا لى أن الحزن العميق يظهر للإنسان ما فى داخله. كان لأخى- رحمه الله- أهمية كبيرة فى حياتى، لهذا باتت الحياة مستحيلة بالنسبة لى بعد وفاته ورحيله، أو بمعنى آخر تحولت الحياة إلى سراب لا معنى له. رحيله أدخلنى فى موجة حزن عارم. وجدت نفسى خلالها أداة معطلة غير قادرة على مواجهة الحياة. ولا أدرى كيف يمكننى التخلص من هذه المشاعر السلبية. فى غيابه أشعر بالوحدة وهى من أشد أنواع الألم قسوة، فالجليس الصالح خير من الوحدة.

مع لوعة الفراق يصاب المرء بالألم ويعتريه الحزن. كان لابد أن نستشرف اللحظة المفاجئة التى جاءت لتعصف بحياة أخى فيفارقنى ويرحل عن دنيانا. ويظل الموت هو الأنين الصامت ومعه أيقنت بأننى لن أراه أبدًا. الأكثر من ذلك أننى لم أعد أرى نفسى، فلقد غشينى ضباب بعد أن اختار أخى السفر والارتحال عبر الموت. وجاء السفر مفاجئًا، وهو سفر بلا عودة. أشعر بغصة فى عمق فؤادى وأقول لأخى عن بعد: (قاسية هى الحياة بعد فراقك، ولكن حتى بعد أن أخذك الموت بعيدًا ستبقى معى حاضرًا فى ذاكرتى إلى الأبد، ولن تغيب عنى أبدًا). الفراق نار ليس لها حدود، ولا يشعر به إلا من اكتوى بها. أشد الآلام آلام الفراق بعد موت الرفيق الغالى. إنها الآلام التى تترك آثارًا وندوبًا فى نفوسنا، وتظل باقية لا يستطيع حتى الزمن محوها.

لقد فقدت الشخص الذى كان وجوده يجسد لى الحياة. ولهذا تمنيت أن أعيش فى عالم ليس فيه وداع ولا فراق ولا حزن، ليبقى التواصل مع الأهل والأصدقاء هو الشىء الوحيد الأبدى. ولكنها مشيئة الله عز وجل. إنها وديعته التى استردها ولا يمكن للمرء هنا أن يجادل أو يعارض، فلكل أجل كتاب. ولكن يبقى ألم الفراق من أصعب الأحاسيس التى يشعر المرء بها فى حياته فإما تهزمه أو يهزمها. لقد ظننت أنى استسلمت لواقعى وتعودت على العيش بدون أخى نبيل ولكن قسمًا بالله أكاد أن أجن من فرط حاجتى إلى وجوده بجانبى. واليوم أقول لك رغم الفراق لن أنساك ما حييت، ولن تغيب عن ذاكرتى ستظل معى دومًا. واليوم تتراءى لى صورتك فأقول لك حتى بعد رحيلك فإن معزتك ستبقى فى داخلى، لن تتغير وسيستمر التواصل قائما بيننا لا يطاله النسيان. رحمك ربى وألحقنى بك فى ظل عفوه ورضاه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.