رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

قضايا العصر والحاجة إلى:

إنَّ الحفاظَ على الوطنِ وهُوِيّتِهِ وحضارتِهِ وتقدُّمِهِ في شتى المجالاتِ يتطلبُ بِناءَ الفردِ والمجتمعِ بِناءً واعيًا رشيدًا في مختلفِ مجالاتِ الدينِ والدنيا معًا، وذلك انطلاقًا من مخزونِ الإنسانِ المصريِّ الحضاريِّ المـُستَمَدِّ من إيمانه باللهِ تعالى وحدَهُ، وبالغيب، وبأنبياءِ اللهِ تعالى ورسلهِ عليهم السلام، هذا المخزونُ الذي صَنع عبرَ القرونِ حضارةً شامخةً منحت أنوارُها جوانبَ الإنسانيةِ كُلَّها عبادةً لله صانعِ هذا الكون- وفق مراده سبحانه وتعالى- وتزكيةً للنفس، وعمارةً للكون، وإيمانًا منّا بأنه لا يُصلِحُ آخرَ هذه الأمة إلا بما صَلَحَ به أوّلها، فاستعادةُ الوعيِ الرشيد للأمة لِتَكونَ في مقدمة الركبِ لن يكونَ إلا بترسيخ نموذجِها المعرفي وتنميتِه.

إن الفهمَ الصحيحَ للقرآن الكريمِ والسنةِ النبويةِ الشريفةِ صمامُ أمانٍ للدين والوطن معًا، والانتماء إلى الدين والوطنِ صِنوانِ لا يختلفانِ ولا يفترقان.

القرآنُ الكريمُ المصدرُ الأساسي للشريعة الإسلامية، وقد تَضَلّعَ الأزهرُ الشريفُ بمهام حفظِ الدينِ من خلالِ دراسةِ علومِه الشرعيةِ والعربيةِ، وتميزَ الأزهرُ الشريفُ بخدمة كتابِ اللهِ وضبطِه وتدقيقِه من خلال أعرقِ وأدقِّ لجنةٍ لمراجعة المصحفِ الشريفِ بمجمع البحوثِ الإسلاميةِ، مما يستوجبُ الآتي:

أولاً: إصدار مصحفٍ شريفٍ ورقيّ وإلكترونيّ مزودٌ بتفسيرٍ مختصر (على هوامشِ صفحاته) يوجهُ الناسَ للفهم الصحيحِ المنضبطِ لكتاب اللهِ تعالى، مع أهميةِ أن يكونَ هذا المصحف الشريف المقترح متاحًا لأصحابِ الهممِ وذوي القدراتِ الخاصةِ مسموعًا وعن طريق «برايل» ومترجمًا بعدة لغات، لا سيما وأن الدولةَ وأجهزتَها تُولي اهتمامًا كبيرًا بحفظةِ كتابِ اللهِ تعالى مع فهمه فهمًا صحيحًا، وذلك في ظل انتشارِ عددٍ من المصاحف الورقيةِ والإلكترونيةِ المفسرةِ، التي تحملُ فكرًا خاطئًا وموجهًا ومضامينَ وأيدلوجياتِ جماعاتٍ متطرفةٍ وإرهابيةٍ، وانتشارُها كذلك على تطبيقاتِ الهاتفِ المحمولِ وهوامشِ المصاحفِ الورقيةِ والإلكترونيةِ، مما يزرعُ الفكرَ المتطرفَ في قلوب ووجدانِ كُلِّ من يقرأْ هذه المصاحفَ.

ثانيًا: إعدادُ تفسيرٍ جامعٍ للقرآن الكريم يُعنَى بتفسير كتابِ اللهِ تعالى بلغةٍ سهلةٍ وبأسلوبٍ مباشرٍ، يفهمه العامة والخاصة، ويُعبّرُ عن وسطية الإسلامِ واعتدالِهِ، وذلك بشكلٍ مُؤسّسي، من خلال:

•     استلهامِ الروحِ القرآنيةِ المودعةِ بين دفتيه في صناعة الحضارةِ، وبناءِ الإنسانِ، وعمارةِ الأكوان.

•     إزالةِ الأَفْهامِ غيرِ الصحيحةِ والمعوجةِ التي تعلّقَ بها أهلُ التطرفِ والتكفيرِ، فحادوا عن الفَهمِ الصحيحِ للقرآن الكريم، ونزّلوا الآياتِ القرآنيةَ على غير مواضِعِها، فشوهوا معالمَ هذا الدينِ الحنيف، وعليه انتشرَ التطرفُ بجميع صورهِ والإرهابُ بجميع أشكالِه.

وذلك مع مراعاة المحدداتِ التالية:

•     إبرازُ معالِمِ المنهجِ الأزهري عقيدةً وشريعةً وسلوكًا.

•     العنايةُ بمقاصدِ القرآنِ الكريمِ الكلية.

•     إظهارُ السننِ الإلهيةِ (الكونيةِ والاجتماعيةِ) من خلال الآيات.

•     إظهارُ منهجِ القرآنِ الكريمِ في عرض القضايا الشرعيةِ.

•     معالجةُ المشكلاتِ المجتمعيةِ والسلوكيةِ المستجدةِ، كمشاكل الأسرةِ، وعقوقِ الوالدين، والمرأةِ، والميراثِ، والعنفِ، والثأرِ، والتنمرِ، والجرائمِ الأخلاقيةِ كالشذوذِ الجنسي المعروفِ بالمثلية، والإلحادِ، وجرائمِ الانترنت الأخلاقية وغيرها.

•     الرّدُّ على المعترضينَ على أحكامِ القرآنِ الكريمِ لا سيما في القضايا المتعلقةِ بالمرأة من أمثالِ قولِ الله تعالى «وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ» (البقرة: 228)، وقولِهِ تعالى «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ» (النساء: 34) خصوصًا مع انتشار ما يسمى بفلسفة «الجِندرية» في الغرب.

•     معالجةُ الأفكارِ المتطرفةِ (إفراطًا وتفريطًا) التي تعتمدُ تفسيراتٍ مغلوطةً لآياتِ القرآنِ الكريم من خلال التفسيرِ الصحيحِ لهذه الآيات.

•     رصدُ أهمِّ القضايا المجتمعيةِ والأخلاقيةِ والفكريةِ التي تؤثرُ في وجدان وعقولِ الشبابِ والناشئةِ ومحاولةُ علاجِها من خلال هذا التفسير.

•     إبرازُ القيمِ الحضاريةِ في القرآن الكريم.

•     إظهارُ المبادئِ العامةِ للحضارة في القرآن الكريم.

•     إظهارُ الجوانبِ الإنسانيةِ في القرآن.

•     الربطُ بين القرآنِ الكريمِ ومكتشفاتِ العلمِ الحديثة.

•     إبرازُ مناهجِ القرآنِ الكريم في التربية.

•     تعزيزُ مفاهيمِ السلامِ والتعايشِ وقُبولِ التنوعِ.

•     التركيزُ على منهج القرآنِ في التعامل مع الآخر والمـُختَلِفِ.

•     استنباط الأحكام الشرعية المتعلقة بالآيات القرآنية خاصة ما يتعلق بالقضايا المعاصرة.

•     إظهارُ الموضوعِ الرئيسِ الرابطِ بين كُلِّ موضوعاتِ السورة.

•     أنْ يُقَدَّمَ التفسيرُ بلغةٍ دقيقةٍ سهلةٍ موجزةٍ؛ للعمل على فهم صحيح الدين، ونشر سماحة الإسلام، وتحاشيًا للخلاف، ولبناء الوعي الرشيد، ومعالجة قضايا الواقع ومستجداته المتسارعة، خاصة في ظل أطروحات تهدف إلى تذويب الثقافات في ثقافة واحدةٍ، وتذويب الهُويّات في هُوِيّةٍ واحدةٍ؛ لخدمة أيدلوجية بعينها بغية السيطرة، وحتى تكون هذه الأعمال متاحة لكل أسرة مما يمكّن أفرادَها من التوعية الدينية الصحيحة من مصادر موثوق فيها.

ثالثًا: إعدادُ موسوعةٍ حديثيةٍ، تشملُ شئونَ الحياةِ والواقعَ المـَعيش في كل ما يتعلق بالعقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، مع شرحٍ مُيسّرٍ وافٍ لها بأسلوبٍ بسيطٍ مُعبرٍ عن وسطية الإسلامِ واعتداله، ومعالجٍ لقضايا العصرِ ومسائِلِهِ في ضوء هذه الأحاديثِ الشريفة، وذلك بشكلٍ مؤسسي، فإنَّ ضرورةَ الواقعِ صارت تُحتمُ علينا إبرازَ ما جاءت به تلك الأحاديثُ النبويةُ الشريفةُ من مكارمِ الأخلاق، والتعايشِ بين الناس، والحضِّ على العمل وإتقانهِ، والقيامِ بالحقوق والواجباتِ تجاهَ المجتمعاتِ والأوطان، مع شرح مُيسرٍ يستلهمُ أصالةَ تراثِنا ورُوحَ العصرِ الذي نعيشُ فيه، وكذلك عرضُ الأحاديثِ التي تتمسكُ بها تياراتُ التطرفِ والظلامِ، وبيانُ وجهةِ النظرِ الصحيحةِ فيها بما يَدْحَضُ هذه الأفكارَ ويُفنّدُها بأسلوبٍ بسيطٍ مُعبرٍ عن وسطية الإسلامِ واعتداله وسماحته ودعوته إلى البناء والتعمير والحفاظ على الأوطان.

وإننا نُيمّمُ وجهَنا شطرَ الأزهرِ الشريفِ وعلمائِه الأجلاءِ للقيام بهذه المهمةِ السامية، استمرارًا لجهودِهم التي شهدتْ عليها العصورُ الماضية، في الحفاظ على ثوابتِ الشرعِ وتقديمِه للعَالَمِينَ بصورةٍ صحيحةٍ ومناسبةٍ، وحتى يتَّصلَ الماضي بالحاضر، ولِنُحافظَ معًا على هذا الإرثِ الحضاريِّ والعلميِّ والفكريِّ الواصلِ إلينا عبر القرون.

رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ

نائب رئيس جامعة الأزهر السابق