رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

 

تكشف كلمات الرئيس فى منتدى التعليم عن أهمية ربط التعليم بسوق العمل، فما جدوى شهادات تمنح لمئات الآلاف دون جودة حقيقة، ودون مقدرة لفتح مجال للخريج فى سوق العمل، كما دعت القيادة أكثر من مرة إلى ضرورة تقليص أعداد الطلاب فى كليات الحقوق والتجارة والآداب، وكان الرئيس صادقًا فى إبراز مشاكل التعليم الجامعى بوعى كبير، ولكن القائمين على هذا التعليم لا يرغبون حقيقة فى تطويره، ولا تتوافر لديهم الإرادة الحقيقية نحو التطوير، ودعونا نكشف حقيقة التعليم المميز فى الجامعات الحكومية كنمط بارز للإخفاق، ففى ظل توجه الدولة نحو تنمية الجامعات الحكومية لمواردها الذاتية، كان اجتهاد هذه الجامعات لعمل برامج دراسية تسمى (البرامج المميزة)، لتخفيف الأعباء عن كاهل الدولة المصرية، فما هى البرامج المميزة وما حقيقة الوضع فيها؟

البرامج المميزة هى برامج علمية قد تختلف فى مضمونها وتوجهها عن البرامج الدراسية العادية، وتكون بمصروفات قد تتراوح ما بين عشرة إلى ثلاثين ألف جنيه فى العام، وتكون الكتب الدراسية فيها أعلى ثمنًا من الدراسة المجانية، كما أن الساعات التدريسية فيها تكون ببدل للأستاذ تتراوح الساعة من مائتي جنيه إلى ثلاثمائة جنيه، وهنا رفعت الجامعات والكليات شعار: اجمع لى مالًا من المميز أمنحك التميز؟

ويمكن القول إن من قاموا بتنفيذ البرامج المميزة صمموها بعقلية أستاذ السبوبة الذى يسعى للمال فقط بلا رؤية ولا جودة للسلعة المقدمة، ولا احترام لفلسفة العلوم البينية فى عمل البرامج، فمن يصمم برامج التعليم المميز يكون هدفه كم سيعود عليه هو وزملائه من الكتاب، ومن عائد ساعات التدريس، وتقوم الأقسام بعمل البرامج للاستفادة منها، ويسعى كل أستاذ أن يضع لنفسه مواد فى تخصصه، وقد يضع أسماء لمواد تكون بأسماء كتب ألفها هو، ومن جانب آخر يتم وضع مواد للأخوة المحاسيب، ومواد أخرى للإدارة لكى يُعتمد البرنامج حتى لو كانت هذه المواد لا علاقة لها بالبرنامج، وقد تفشل البرامج مع بدايتها فنقوم بإجراء تعديل، فقد نبدأ ببرنامج للمكتبات، ونغيره إلى برنامج it ونوهم الطالب بذلك، ونعتمد برنامج لعلم النفس الإكلينيكى فى كلية نظرية، وهو ما يستلزم المتابعة والدراسة فى المصحات بشكل مستمر، وهذا لا يحدث إلا لمامًا، وتنظر فى مقررات البرنامج تجد هناك من يدرس السحر والتنجيم كأساس للسيكولوجيا.

الواقع أن البرامج المميزة ليس فيها أى تميز، وليس هناك برنامج واحد منها حصل على اعتماد أكاديمى، بل إن واقع الكلية الأساسى أفضل من البرامج المميزة بسبب تماسك اللوائح، وانتظام التدريس، لكن يبدو التجاوز واضحًا فى هذه البرامج المميزة فى كل شيء ابتداء من تحمل تجاوزات طلاب المميز لأنهم يعلنونها صراحة إحنا داخلين بفلوسنا، وفى التساهل فى الامتحانات، والتساهل فى التصحيح، وارتفاع النتائج فى النجاح، وليصبح شعار البرامج المميز الأصيل: ادفع لى فى المميز تنال النجاح والتميز، ومعظم هذه الأموال لا تدخل فقط جيوب من يدرسون، بل تدخل أيضًا بساعات إشراف كثيرة للإدارة الجامعية، فالهدف هو جمع الفلوس وصرفها بصرف النظر عن حقيقة جودة البرنامج من عدمه، ويتم بيع الوهم للناس بأن قسم علم النفس سوف يخرج أطباء، وقسم الجغرافيا سيخرج مهندسين، وقسم المكتبات سيخرج متخصصين فى IT.

إن أسوأ ما فى البرامج المميزة أن يتحول أستاذ الجامعة الذى ينبغى أن يعلم القيم والصدق والأمانة لنجده يمارس الكذب والتغرير والتدليس فى البرامج المميزة، ويبيع سلع مغشوشة بشعار المميز من أجل عائدات النقود، ولكن سرعان ما سينكشف الكذب حين يتخرج الأبناء، ويجدون أن ما دفعوه من أموال لم يمنحهم تعليمًا جيدًا عن أقرانهم فى التعليم المجانى، فالكتاب الذى يدرس فى المجانى هو نفسه يدرس لهم فى المميز، ونفس الأستاذ بنفس عقليته يدرس فى المجانى ويدرس فى المميز، لننتظر ونرى بعد تخرج دفعات من هذه البرامج المميزة ومدى قبولهم فى سوق العمل، وذلك حتى يرى طلابنا مدى الوهم الذى اشتروه من هذه البرامج المزعومة، التى لا تختلف فى منطقها، ولا فى رؤيتها عما كان يحدث فى التعليم المفتوح فى السابق فى البحث عن الربحية دون الجودة، وإن غدًا لناظره قريب؟