هَذَا رَأْيِي
بر الوالدين مقرون بإيمانك بالله سبحانه وتعالى ويرتبط بدخولك الجنة.. أمرنا الله ببر الوالدين فيما يقرب من عشرين آية فى كتاب الله، منها: «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا»، وقوله: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا». (الإسراء:23).
ما يحدث فى زماننا هذا من عقوق الوالدين خاصة الأب قصص وحكايات يشيب لها الغلمان.. فهذا أب يضعه أبناؤه فى دور للمسنين، أو يلقون به فى الشارع خشية تحملهم مصاريف دور للمسنين ليلتقطه أحد السيارة ويدخلوه دار رعاية.. وأب يرفع أبناؤه عليه دعوى حجر للحجر على تصرفاته رغم تمتعه بقواه الذهنية.
ظواهر تستحق البحث والتأمل.. هل فشل الوالدان فى تربية أبنائهما ويجنيان ما زرعا من إهمال فى تربية أبنائهما. يا بنى لا تكن عاق لوالديك دخولك الجنة مرهون برضا الوالدين.. يا بنى إذا فعلت ما يأمر به والداك وأنت كاره فلن تؤجر على ما فعلت.. لا تتبع ما تقدمه لوالديك بالمنَ والأذى والتأفف. فستنال وزرا من وراء ذلك. يا بنى افعل ما يطلبانه منك - عدا الشرك بالله- بطيب خاطر ورضا حتى تؤجر.. سارع بفعل ما يريدونه قبل أن يأمراك به حتى تنال برهم.
أيها الأبناء كونوا من ذلك الصنف الذى يفعل ما يأمره به والداه برضا وطيب خاطر واستشعروا حاجتهما، فقد يمنعهما حياؤهما من النطق بها، وقدم لهما ما يريدانه فسوف يبارك الله لك فى عمرك ويرزقك سعة فى الرزق وانشراحا فى الصدر. أيها الأبناء ليس البر قبلة تضعونها على رأس والديكم أو حتى على أقدامهم.
البر هو أن تستشف ما فى قلب والديك، ثم تنفذه دون أن تنتظر منهما أمرا. البر أن تعلم ما يسعدهما فتسارع فى فعله وتترك ما يؤلمهما فتتجنبه واجتهد فى أن يراك والداك وأنت تقبل عليه. البر أن تحرص على راحة والديك ولو كان على حساب سعادتك.. البر هو أن تفيض على والديك من مالك ولو كانا يمتلكان الملايين - دون أن تفكر - كم عندهما، وكم صرفا، وهل هما بحاجة أم لا، فكل ما أنت فيه، ما جاء الا بسهرهما، وتعبهما، وقلقهما، وجهد الليالى الذى أمضياه فى رعايتك!
لا تحصروا البر فى قبلة، قد يعقبها الكثير من التقصير. أيها الأبناء لا يزعجكم أن يخصص الأب شيئا من ممتلكاته حال حياته لاحد إخوتك، فقد يرى أبوك أن هذا الاخ لم يحصل على ما حصلت عليه.. فهذا حقه شرط ألا يكون هدفه حرمانك من الميراث فسوف يؤثم عليه لو كان قصد ذلك.. يا بنى قد يوصى أبوك توصية واجبة حال حياته لأولاد اخيك المتوفى فإذا حقه إذا خاف عليهم من التشرد والضياع بعد موته فهذا حقه والقانون حدد ذلك بألا يزيد على ثلث التركة.
يا بنى.. بر الوالدين ليس مناوبات وظيفية، بينك وبين إخوانك بل مزاحمات على أبواب الجنة وقل ربى ارحمهما كما ربيانى صغيرا. كان الفضيل ابن عباس يقول اللهم إنى عجزت عن إصلاح ولدى فأصلحه لى فما زال يدعو الله بها حتى انصلح ولده، فاللهم أصلح لنا أولادنا واهدهم واحفظهم واصرف شياطين الجن والإنس عنهم.