رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

مكنونات الثقافة المصرية:

الأحلام وسيلة تلجأ إليها النفس لإشباع رغباتها ودوافعها المكبوتة، خاصة التى يكون إشباعها صعبا فى الواقع. ففى الأحلام يرى الفرد دوافعه قد تحققت فى صورة حدث أو موقف. ولكن غالبًا ما تكون الرغبات فى الحلم غير واضحة، بحيث لا يعى الحالم نفسه معناها. ولذلك فإن كثيرًا من الأحلام تبدو خالية من المعنى والمنطق، شبيهة بتفكير المجانين، ويعيش الفرد داخل الأحلام مدة تصل إلى ست سنوات من عمره، ونسبة 95 بالمئة من الأحلام تُنسى على الفور بمجرد اليقظة.

على عكس من أحلام اليقظة التى تكون منطقية، فإذا لم يجد الفرد وسيلة لإشباع دوافعه فى الواقع، فإنه قد يحقق إشباعًا جزئيًا عن طريق التخيل وأحلام اليقظة. فالفقير يحلم بالثراء، والفاشل قد يتخيل أنه وصل إلى قمة المجد. وهناك أحلام مشروعة؛ وهى تلك التى تتوافق مع إمكانيات الفرد وظروفه وتتمشى مع قيم وتقاليد المجتمع. وهناك أحلام محرمة؛ وهى التى تفوق إمكانيات الفرد وتتنافى مع القيم والتقاليد وتخرج عن صحيح الدين.

إن الشعب المصرى شعب حالم بطبيعته، وبالحلم قد يصل إلى تحقيق كثير من تطلعاته، ولكن الإغراق فى الحلم لا يحقق شيئًا، حيث يُبعد الإنسان عن الواقع، ويحوَل الأحلام إلى كوابيس. خاصة عندما ينعزل الإنسان عن المجتمع الذى لا يشبع له احتياجاته، ويصبح ناقمًا عليه، وينزوى داخل دائرة أحلامه.

لقد باتت أحلام المصريين يئسا يتشبث بالأمل. أحلامهم تدفعهم إلى نوم يلتمسون فيه السعادة. ولكن مع عدم تحقق الأحلام، يكون الانسحاب لخندق الاهتمامات الخاصة، أو السقوط بهوة الاكتئاب، أو باليأس المدمر. ومع طول الانتظار يتحول الحلم إلى كابوس، وهو ما يولد عنفا وإرهابا، خاصة لدى الشباب الأكثر تحمسا والأقل ثقافة.

إن أحلام المصرى بسيطة مثله، فأحلامه لا تتعدى جدران تأويه، ورغيف خبز يكفيه، وشربة ماء نظيفة ترويه، وجرعة دواء تشفيه، وقانون يحميه. المصرى يحلم بمسكن متواضع قد لا يجده، يحلم بعلاج لأمراضه فيزداد مرضا، يحلم بمدرسة نظيفة وتعليم جيد لابنه، يحلم بزيادة فى راتبه فتزيد أسعار السلع ويقل راتبه. يحلم ببرلمان يعرف دوره ويقدر مسئوليته، برلمان يحترم الشعب الذى أتى به تحت القبة، والذى انتخبه ليكون رقيبًا له على الحكومة، فإذا به يمارس الرقابة على جيوب المواطنين. يحلم بحكومة تضعه فوق رأسها وليس تحت حذائها. حكومة تحترم إرادته وتحقق مطالبه، حكومة لا ترقص على طموحات البسطاء، ولا تنسى أحلام المواطن البسيط. يحلم بوزير شجاع لديه ضمير يدفعه إلى الاستقالة إذا أخطأ أو كان مسئولا عن خطأ، لا أن يُدفع إلى الإقالة بعد خراب مالطة. يحلم بشاشة تليفزيونية نظيفة يختفى منها العرى والجنس والإثارة والإسفاف، شاشة محترمة تجعل المصرى يجلس أمامها مع أبنائه لا يتصبب عرقًا من الخجل. وأخيرًا يحلم المصرى بوطن يحتضنه لا أرض تطرده.

لذا نقول: أيها المصرى كفَ عن الأحلام؛ فالأحلام لا تتحقق فى مجتمعات مستكينة ومحبطة، مجتمعات تطاردها الكوابيس ليل نهار. وانهض من ثُباتك الذى طال، حقق أحلامك بالعمل الجاد، بتقديرك لذاتك، بالمطالبة بحقوقك المشروعة والمسلوبة التى أُغتصبت منك حينًا وتنازلت أنت عنها أحيانا أخرى. أيها المصري: ”بطّل تحلم عشان تعيش».