عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

مكنونات الثقافة المصرية:

 

 

هذه المقالات ليست دعوة للتظاهر، ولكنها دعوة لفهم ماهية التظاهر وأهدافه وآلياته. وكيف استخدم المصرى عبر العصور التظاهر للتعبير عن مطالبه. وأيضًا لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التى كرستها الثقافة المصرية عن ظاهرة التظاهر، والتى أهمها أن التظاهر مرتبط دائما بالعنف، وأن التظاهر دائما ما يكون ضد السلطة وفى غير مصلحتها.

التظاهر أحد أشكال المشاركة السياسية، وتعبير عن الرأى، مصحوبا بضغط من أجل تحقيق مطلب للمواطن. وهو فعل سياسى جماعى وجزء من حق التعبير عن الرأى. ولكنه ليس حقا مطلقا، بل ينظمه مواثيق دولية وقوانين خاصة بكل مجتمع. كما أنه يتطلب تنظيمًا وتحديدًا للأولويات، وقد يكون هدف التظاهر التأييد أو الاحتجاج. وتختلف التظاهرات من مجتمع لآخر طبقًا لاختلاف المطالب والثقافات، وطبقًا لمساحة الحرية المتاحة فى كل مجتمع.

والتظاهر وإن كان حقا؛ فإنه لا يوجد حق مطلق فى أى شريعة من الشرائع, بل كل حق مقيد بضوابط للمطالبة به أو بممارسته, حتى لا يكون تجاوزًا وانفلاتًا وفسادًا. ويجب أن يتوافر المقتضى الشرعى للتظاهر، وألا يترتب عليه تعطيل لمصالح الناس أو إهدار للمال العام. وألا يقترن به محظور شرعي, كتخويف الناس أو إرهابهم أو انتهاك حرماتهم. وفى مصر قانون للتظاهر (قانون رقم 107 لسنة 2013) ينظم الاجتماعات والتظاهرات السلمية، ويُلزم منظمى المظاهرات بإبلاغ السلطات قبل ثلاثة أيام عمل على الأقل من موعدها، ولوزير الداخلية أن يقرر منع المظاهرة إذا كانت تشكل «تهديدا للأمن».

ويجب التفرقة بين التظاهر والتمرد والاحتجاج والانقلاب. فالتمرد هو رفض تنفيذ الأوامر. ومجموعة من أنماط السلوك الاجتماعى الموجَّه إلى أشكال السلطة المختلفة، للخروج عليها، وإعادة بنيتها بالشكل الذى يخدم المحتجين، ويحقِّق أهدافهم ويعيد إليهم قدرًا من السلطة والنفوذ. والاحتجاج هو طريقة للتعبير عن رأى جماعة أو حزب سياسى أو شخص، ويكون عادةً فى منطقة ذات شهرة واسعة لتوصيل الصوت إلى أغلب شرائح المجتمع. وفى الأغلب يتحول الاحتجاج إلى صراع بين المحتجين والشرطة.

أما الانقلاب فهو إزاحة مفاجئة للحكومة، بفعل مجموعة تنتمى إلى مؤسسة من مؤسسات الدولة عادة ما تكون الجيش وتنصيب سلطة غيرها سواءً كانت مدنية أو عسكرية. وظهر مؤخرًا مفهوم «الانقلاب الديمقراطي» الذى يأتى استجابة لحراك شعبى ضد نظام سلطوى أو شمولى، فيسقط ذلك النظام بغرض محدّد هو إجراء انتخابات نزيهة لقيادة مدنية. ومثال ذلك الانقلاب الذى تقّلد بموجبه المشير عبدالرحمن سوار الذهب السلطة فى السودان سنة 1985 قبل تسليمها إلى حكومة أحمد الميرغنى والصادق المهدى المنتخبة.

وقد كرست الثقافة المصرية حق التظاهر منذ عصر الفراعنة، فقد شهدت مصر القديمة فى عام 1970 قبل الميلاد، وتحديدًا فى عصر الملك رمسيس الثالث، مظاهرة عمالية. حين تأخر صرف رواتب العمال لمدة 20 يومًا. وألقى العمال الذين كانوا يعملون وقتها فى بناء مقابر ومعابد الملوك فى غرب الأقصر بأدواتهم ومعداتهم، واحتشدوا فى مسيرة ونظموا إضرابًا واعتصامًا سلميًا للمطالبة برواتبهم، ولم يتركوا موقع اعتصامهم حتى تم صرف رواتبهم، وقد أعلن كبير الشرطة فى ذلك الوقت عن تضامنه مع مطالب العمال، ورفض مطالب بعض المسئولين بتفريق المظاهرة بالقوة.

(المقال القادم عن تظاهرات الطلاب)