عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

حكاية وطن

عندما تشتد النوازل نفر جميعاً إلى الوطن، لأن الظروف الصعبة دائماً تجمع الناس بكل توجهاتهم على قلب رجل واحد، وتظهر معادن الرجال وقت الشدة. فى حرب أكتوبر عام 73 كشف الشعب المصرى عن معدنه الأصيل، وتحولت مصر إلى إيد شعب وإيد جيش للعبور من نكسة 67، وتحقيق النصر فى 11 يوماً، وهو ما نحتفل اليوم بذكراه الثامنة والأربعين كأهم وأخطر وأعظم وأمجد أيام تاريخنا.

شعور المصريين بالحس الوطنى عندما كان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة لتسليح الجيش وإعداده لرد كيد المعتدى، جعلهم يغلبون المصلحة العامة ويجمدون الخلافات الشخصية خلال فترة حرب السادس من أكتوبر المجيدة، حتى الخارجون عن القانون المجرمون توقفوا عن ارتكاب الجرائم، أو مخالفة القانون، فتراجعت مؤشرات معدل الجريمة تراجعاً مذهلاً، وذكرت سجلات الأمن العام أن أقسام الشرطة والنيابات خلت من تسجيل سوى الجرائم العارضة، وانخفضت الجنايات الكبرى، وتراجعت جرائم السرقة والنشل والقتل، وانضم العديد من البلطجية إلى المقاومة الشعبية، وتولت المجالس العرفية داخل الأحياء والقرى حل النزاعات الطارئة بين المواطنين، وكان أصحاب المحلات يتركون محلاتهم دون حراسة، واقتسم المصريون لقمة العيش بينهم خاصة أهل السويس والإسماعيلية لأن الأمر كان متعلقاً بالدفاع عن الأرض والشرف والكرامة.

صمود وتماسك الجبهة الداخلية خلف القوات المسلحة كان عاملاً مهماً فى تحقيق النصر بعد قيام القوات المسلحة باقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة وأفقدت العدو توازنه، فى حرب سيتوقف التاريخ طويلاً أمامها بالفحص والدرس باعتبارها حرباً من أجل السلام القائم على العدل، ولم تكن حرباً للاعتداء على أرض الغير.

صدق الشهيد البطل أنور السادات فى خطاب النصر أمام مجلس الشعب بأنه سيجئ يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه وكيف حمل كل منا الأمانة، وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء.. ذلك كله- هكذا كان يقول السادات- سوف يجىء وقته لنرويه من أجل أن يتعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله.

السادات كان يطلق على نكسة 67 كبوة عارضة، وسجل أن جيله رفض أن يسلم أعلامه إلى الجيل الذى يأتى بعده منكسة أو ذليلة، وإنما تسلم الأعلام مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها، وقد تكون مخضبة بالدماء، لكننا- هكذا كان يقول البطل- ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية فى السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة.

48 عاماً مرت على حرب استعادة الأرض والكرامة ومحو عار هزيمة 67 من خلال حرب أكتوبر المجيدة التى خاضتها أسود القوات المسلحة المصرية فى عز الصيام، وتوقف التاريخ العسكرى طويلاً أمامها بالفحص والدرس، واستطاع الوطن من خلال هذا النصر أن يأمن ويطمئن بأن أصبح له درع وسيف.

وكما وقف الشعب مع قواته المسلحة فى حرب الكرامة واستعادة الأرض، فإن القوات المسلحة وقفت إلى جانب الشعب لتحريره من حكم الجماعة الإرهابية، لأن خطر الإرهاب لا يقل عن خطر الاستعمار، وكما تحررت سيناء من الاستعمار بحرب أكتوبر، تم تحريرها مرة أخرى من الإرهاب بثورة 30 يونيه حيث كانت سيناء مرتعاً للإرهابيين برفح والشيخ زويد والعريش، وقامت القوات المسلحة من خلال عملية حق الشهيد والعملية الشاملة سيناء بقطع يد الإرهاب، وأصبحت سيناء آمنة بأهلها ومشروعاتها التى ترفرف فوقها أعلام العزة والفخار.

فى الحربين أكتوبر ويونيه حصلنا على احترام العالم، لأن حربنا ليست عدواناً ولا بلطجة على أحد، ولكنها حرب شريفة من أجل السلام، وتأمين حياة الشعوب، وزرع الأمن والأمان بدلاً من الخوف. خضنا حروب الكرامة وحروب الوجود بفضل هتاف الله أكبر الذى أذهل إسرائيل، وبفضل الإصرار والتصميم على كسر شوكة الإرهاب وتجفيف منابعه لتعود سيناء ثلاث مرات، مرة بالحرب ومرة بالسلام ومرة بنسف الإرهاب الجبان.