عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

تعتبر قضية التقريب بين المذاهب من القضايا الهامة، وهنا يعتقد الشيخ عبدالمتعال الصعيدى بأن التقريب بين المذاهب الإسلامية مبدأ يسعى إلى جمع المسلمين الذين فرقهم الخلاف السياسى لا الدينى، لأن الخلاف السياسى هو الذى فرق كلمتهم، وجعل بعضهم يعادى بعضًا على أسبابه وغاياته من أمور الدنيا، كالوصول إلى الحكم ومناصبه والظفر بالرياسة ومظاهرها، وما إلى ذلك من وسائل الجاه الذى يطغى على الدين، ويقسم المسلمين إلى طوائف متعادية.

وفى فترة الخمسينيات والستينيات انتشرت فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، والتى تزعمها الإمام الأكبر محمود شلتوت، الذى اعتمد المذهب الجعفرى كمذهب فقهى خامس فى الأزهر الشريف، ومن هذا المنطلق كان سعى الشيخ الصعيدى إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية فى الفقه والعقائد، ورغم اعتقاده أن الخلافات بين أهل السنة والشيعة خلافات حقيقية فى العديد من المسائل إلا أنه يمكن قبول هذه الاختلافات «فالخلاف بين أهل السنة والشيعة فى عصمة الأنبياء خلاف حقيقى، وهو خلاف فى أصل من أصول الاعتقاد لا فى حكم من الأحكام النوعية، وأهل السنة يرون أن العصمة صفة خاصة بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، أما الشيعة فلا يرون العصمة صفة خاصة بهم، ويعتقدون أن العصمة فى الأئمة من أهل البيت أيضًا، ولكنهم لا يقولون بأنهم أنبياء ورسل، وقد تكلف الأستاذ الزنجانى «شيعي» إزالة الفرق بين أهل السنة والشيعة فى هذا الاعتقاد، فقال ما مؤداه أن عصمة النبيين تختلف عن عصمة الأئمة عند الشيعة، وأنها فى الأئمة معناها العدل والثقة».

ويعتقد الصعيدى أن أول سبيل الوحدة الإسلامية هو قبول الاختلاف فى الرأى فى أصول الاعتقاد كما نقبل الاختلاف فى الفروع فيقول: «إن الخلاف بين أهل السنة والشيعة فى خلافة الشيخين «أبو بكر وعمر» خلاف حقيقى، وله قيمته عند الفريقين، ويضاف إلى هذا وذاك «أن الشيعة فى أصول الاعتقاد يتفقون فى كثير منها مع المعتزلة، ويخالفون أهل السنة لمسألة نفى الصفات، وغيرها من مسائل علم الكلام، وهذه خلافات يصعب إزالتها فلا يصح أن نطمع فى بناء الوحدة الإسلامية على نحوها، وإنما الواجب فى ذلك أن نقبل هذه الخلافات فى ديننا، وأن تتسع صدورنا، وأن نجعل الخلاف فى مثل هذه الأصول مثل الخلاف الذى نقبله فى الفروع، فإذا قال الشيعة بعصمة الأئمة فلهم فى هذا رأيهم ما داموا يقولون إنهم أئمة معصومون، وليسوا بأنبياء ولا رسل، وإذا قال الشيعة إن عليًا - رضى الله عنه- كان أحق بالخلافة من أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما- وأنكروا خلافتهما فلهم فى ذلك أيضًا رأيهم، ولنا فى خلافتهما خلافة صحيحة».

 وفى ضوء ما سبق يرى الصعيدى ضرورة تطوير علم التوحيد بما يوافق إمكانية التقريب بين المذاهب الإسلامية، ولا يمكن أن نحقق ذلك فى ضوء الصورة القديمة المنفرة لعلم التوحيد فيقول: لا يمكن أن نصل إلى تلك الغاية ما دامت دراسة التوحيد باقية على حالها القديم، بل لابد أن نعيد تدوينه من جديد، ولندرس فيه الفرق الإسلامية دراسة جديدة تقرب بينهما، وتجعل منها فرقًا متصافية متحابة، لا يُفرق بينها الخلاف فى الرأى، ولا يجعل كل فرقة تنظر بعين العداء إلى الفرقة الأخرى لأنها ضالة أو فاسقة فى نظرها إلى غير ذلك من الأوصاف التى تكيلها كل فرقة للأخرى فى ذلك العلم».

 ويعتبر الصعيدى أن قضية التقريب بين المذاهب الإسلامية ينبغى أن تكون قاعدة أساسية فى تجديد علم الكلام أو علم التوحيد حتى نستطيع التقريب بين الجماعة المسلمة، لأن علم التوحيد بصورته القديمة قد رسخ للصراع والتباعد بين المسلمين، ونحن فى حاجة إلى قراءة جديدة لهذا العلم تُسهم فى بناء وحدة الجماعة المسلمة، وإزالة الآثار التاريخية السلبية لدور علم الكلام فى إشاعة الكراهية والبغض والتكفير بين الفرق والمذاهب الإسلامية، وأن يؤصل علم التوحيد لفقه الاختلاف والتسامح بين المسلمين، وحق المذاهب فى الاختلاف حتى حول قراءة المعتقد، وذلك فى ضوء التنوع داخل الوحدة، وقبول التعددية والتعايش مع الآخر المغاير لى فى المذهب، ولا نؤصل للاختلاف المقسم والمفتت للجماعة بإشاعة كتب تحض على الكراهية ورفض قبول الآخر، ثم ترسيخ التكفير بينهم، وتأصيل ذلك فى مدونات الفقه لدى كل فرقة تصدر الأحكام بالتكفير بحق الفرق الأخرى.