عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

يعتبر الاجتهاد مبدأ أصيلا من مبادئ أصول الفقه الإسلامى، وهو المبدأ الذى يمنح العقل البشرى الحق فى التفكير فى الأصول من أجل استنباط الأحكام، وقد تمت الدعوة لقفل باب الاجتهاد منذ القرن السابع الهجرى، وبعدها عاشت الحضارة الاسلامية على الشروح والتلخيصات، إلى أن بدأت دعوات فتح باب الاجتهاد على يد حركة الاصلاح الدينى فى العالم الإسلامى، لأنه لا يمكن حدوث أى تجديد بدون الاجتهاد الذى يمنح العقل حرية التفكير .

إن أهمية الاجتهاد المعاصر كدعامة أساسية فى علم الأصول تنبع من ضرورة رعاية مصالح العباد، ومصلحة المجتمع فى ضوء التغيرات الحادثة فى المجتمع فكان الإمام محمد عبده يقول: إن الناس تحدث لهم باختلاف الزمان أمور ووقائع لم يرد لها ذكر فى كتب الفقه القديمة، فهل نوقف سير العالم لأجل كتبهم؟ إن هذا لا يستطاع، وموات يجعل العوام ينصرفون عن دينهم الذى لا يجارى وقائع كتبهم، وبالتالى فإن تاريخية الفقه القديم، وعدم مسايرته لروح الاجتماع يفرض فتح باب الاجتهاد، ولذا يؤكد محمد مصطفى المراغى «أن للمفتى الآن أن يفتى على عرف أهل زمانه، وإن خالف فتوى المتقدمين، وأنه لابد للمفتى من ضرب من الاجتهاد، ومعرفة بأحوال الناس، وأنه ليس له الجمود على المنقول فى كتاب ظاهر الرؤية من غير مراعاة الزمان وأهله، وإلا ضاعت حقوق كثيرة، وكان ضرره أعظم من نفعه.

ويؤكد المراغى أهمية فتح باب الاجتهاد، وأن هذا هو الفقه الذى لا يمكن لشخص يقدر عقله أن يحيد عنه فإن استطاع العلماء سد باب الاجتهاد المطلق فلن يستطيعوا سد باب الاجتهاد الخاص، وإن استطاعوا فلن يستطيعوا سد باب الاجتهاد فى المذهب لاختيار رأى يلائم عرفًا عامًا أو خاصًا، أو رأى قضت به ضرورة عامة أو خاصة أو لاستنباط رأى فى حادثة لم يكن منصوصًا عليها، والحق أن الاجتهاد لم ينقطع فى أى عصر من العصور الماضية، وهو باق إلى الآن، فالحوادث الماضية لا نهاية لها، ولا يمكن أن تحدها الكتب ويحوطها الحصر، وفى كل يوم نجد للقضاة المفتين حوادث لا عهد للكتب بها فيستنبطون لها أحكامًا طبقًا للقواعد العامة.

ويعتبر فتح باب الاجتهاد هو القضية المركزية فى تجديد الصعيدى لعلوم الدين عامة، وعلم الأصول خاصة، وذلك لأن الإصلاح الذى يبتغيه الصعيدى ورموز حركة الإصلاح لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاجتهاد فيقول: إن هذا الإصلاح المنشود يتلخص فى كلمتين فتح باب الاجتهاد فى علومنا عامة والعلوم الدينية خاصة، وتأليف كتب جديدة فى هذه العلوم تسرى فيها روح الاجتهاد بدل تلك الكتب الميتة الجامدة، أما ما عدا ذلك من أمور الإصلاح فمن الأمور الكمالية التى ضرنا الاهتمام بها أكثر من الأمور الأساسية، ونلاحظ مدى اهتمام الصعيدى بأن يكون الاجتهاد فيما هو ضرورى وليس ثانويا، وفيما يعبر عن احتياجات الناس الأساسية بعيدًا عن التنطع فى مجال الفقه.

ما الاجتهاد لدى الصعيدى سوى التفكير العقلى بالرأى فى النصوص الأصلية، وليس مجرد قياس فرع على أصل، بما يفتح الآفاق للعقل المسلم فى التجديد الذى هو أصل أصيل فى الإسلام، ويرى أن الاجتهاد كان حقًا مكفولًا لكل العلماء فى مختلف المذاهب إلى أن تدخلت السياسة والحكم وأصبح لها دور سلبي فى إقصاء مذهب، وترسيخ آخر، وهو ما أسهم فى القضاء على بعض المدارس الأصولية، فيقول: أتت السياسة من وسائل القهر والإغراء فى إحياء بعض هذه المذاهب وإماتة بعضها، ومحاربة الاجتهاد، إلى حد القضاء عليه فى المدارس، ونحن فى الفترة الراهنة فى حاجة ماسة للاجتهاد من أجل تجديد الفكر الدينى.