عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

 

يبدأ مسار تجديد الفكر الدينى بضرورة إعمال العقل فى النص، فالعقل لدى مدرسة الإصلاح الدينى هو الركيزة الأساسية فى عملية التجديد، لأن العقل البشرى هو الذى يمنح النص روحًا جديدة، وقراءة جديدة، فالعقل الحى هو الذى يجدد روح الدين وفقًا لتغير حركة المجتمع.

وتنحو حركة الإصلاح الدينى نحو مركزية العقل فى قراءتها للفكر الدينى، وتنظر إلى الإسلام باعتباره دينًا يقدس العقل، ويؤكد أهمية الدليل والبرهان، حيث ركز الإمام محمد عبده على أهمية العقل ومركزيته فى علم التوحيد، حين أقر بأن الحسن والقبح عقليان وليس شرعيين، بمعنى أن العقل هو الذى يحسن الحسن ويقبح القبيح، وأنه أداة التمييز بين الخير والشر، كما رأى الإمام محمد عبده بأنه فى حالة تعارض الشرع مع العقل وجب تأويل الشرع بما يوافق العقل، وركز الإمام محمد عبده على أهمية الأخذ بالدليل والبرهان فى قضية الإيمان، وتلك كانت الروح المعتزلية فى فكر الإمام.

ومن جانب آخر فقد أكد الشيخ أمين الخولى أهمية العقل فى التفسير الأدبى للقرآن ذلك التفسير الذى يركز على قراءة النص فى ضوء حركة الزمن، والبيئة، والمجتمع، ومدى تأثير بلاغة القرآن على النفس الإنسانية، وهنا احتل العقل مكانته الجوهرية فى القراءة التجديدية لأمين الخولى، الذى نظر إلى النص فى ضوء تطور حركة الواقع، وليخضع مسار الروحى للزمنى، والنقلى للعقلى، والوحى للتاريخ، وكان الشيخ أمين الخولى أقرب لروح المعتزلة فى فكره- كما كان سابقًا الإمام محمد عبده- وأسهم فى تحقيق كتاب المغنى للقاضى عبدالجبار فى جزئه الخاص فى إعجاز القرآن.

ومن ثم يمكن القول إن العقل قد احتل مكانة مركزية فى الفكر الإصلاحى والتجديدى عامة، وتم إخضاع الوحى لمقدرة العقل التفسيرية، وقد أقرت حركة الإصلاح بأهمية فتح باب الاجتهاد، والإقرار بأهمية ممارسة العقلانية ودورها فى تفسير الرسالة، وأن الإسلام قد فتح باب الاجتهاد على مصراعيه، ويذهب «الصعيدى» إلى أن «الإسلام اعتمد فى دعوته على تفكر العقل، لأن فى الكون نظامًا عجيبًا يدل على وجود خالقه فيكون الإيمان به عن اقتناع بوجود هذا النظام العجيب فى الكون، وعن اقتناع بوجوب إسناده إلى خالق مريد قادر على خلقه، وإذا كان هذا هو الأصل فى الدعوة الإسلامية، فإنه لابد أن يعطى العقل حرية كاملة فى هذا التفكير، ليصل فيه إلى ما يصل فى حرية واختيار، ولا يصح أن نقيده بطريق معين من تفكيره، وبنتيجة معينة يصل إليها منه، لأنه إذا قيدناه بهذا كان مجبورًا عليه، ولم يكن له حرية واختيار».

ويؤكد «الصعيدى» أهمية قيمة العقل فى الإسلام بما جاء فى القرآن من آيات تحث على التدبر والتفكر والتأمل حتى يصل الإنسان إلى قضايا الإيمان بالعقل والتفكير فقد «حث القرآن فى آياته الكثيرة، أو التى تحث على النظر فى ملكوت السماوات والأرض ليؤدى إلى الإيمان بالله عن طريق الاقتناع العقلى، ويصل الإيمان فيه إلى القلب بطريق البحث والنظر، فلا يأخذ الله الناس فيه بما يأخذهم فى الطريق الأول- طريق المعجزات- بل يمهلهم فيه حتى يجيء إيمانهم عن اقتناع، وتطمين قلوبهم بعد إمعان البحث وتقليب وجوه النظر، فيرى «الصعيدى» أن الإيمان بالنظر والعقل هو الأصل، وأن الرسل لم يعدلوا عنه إلى الإيمان عن طريق المعجزة الحسية إلا بعد أن تمادى العتاه والجبابرة فى العناد، ولكن الإيمان العقلى القائم على البحث والنظر هو الإيمان الخالد فى رسالة الإسلام.