عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

 

الفهلوة كلمة فرعونية مشتقة من كلمة فارسية هى پهلڤى (وكانت اللغة الفارسية تُكتب بحروف پهلڤية، أى فهلوية) وهى تطلق على من يتميّز بالشجاعة وسعة الحيلة، وسرعة الفهم والبديهة ورد الفعل، والفهلوى (يفهمها وهى طايرة).

والفهلوة إحدى السمات المصرية الأصيلة، والفهلوى اليوم - للأسف- هو رجل العصر. وتسود الفهلوة عندما لا يكون للدولة خطة منهجية واضحة يسير عليها أفراد المجتمع ومؤسساته، لذا فهى تزدهر فى فترات سياسية معينة، مثلما كان سائدا فى فترة الانفتاح فى عصر السادات، والتى أحدثت انقلابًا فى منظومة القيم، فتحول المصرى من الإنتاج إلى الاستهلاك، وحدثت خلخلة لطبقات المجتمع وقيمه، وتآكلت الطبقة الوسطى، فصارت الخطوط الفاصلة بين الخطأ والصواب غير واضحة، كما تزداد أيضا فى فترات الانبطاح، وما أكثر تلك الفترات فى التاريخ السياسى المصرى والعربي.

والفهلوة مرتبطة بغياب الشعور بالانتماء أو الحب للوطن، وفقد الرغبة فى حماية ممتلكاته العامة والمحافظة عليها، بل اعتبار سرقتها أمرا طبيعيا لا غبار عليه، مثل سرقة مصابيح الإضاءة من أعمدة النور، ومربعات الإعلانات الموضوعة على جانبيّ الرصيف فى الشوارع، وكابلات مترو الأنفاق، وأغطية البالوعات، وحتى صناديق القمامة. وتنتشر الفهلوة نتيجة لانتشار الفساد والبيروقراطية فى المؤسسات الحكومية، فنجد الفهلوى فى جميع المصالح الحكومية، مثل المحاكم، وإدارات المرور، والأحوال المدنية، ليعرض عليك خدماته وتسهيل كل شىء مقابل المال طبعًا.

والكتابة على المركبات لا تخلو من كثير من العبارات التى تعكس ثقافة الفهلوة عند المصريين، مثل: العلم فى الرأس مش فى الكراس، افعل ما شئت فأنت برفقتي، أنا الناظر والناس مناظر، الرزق يحب الخفية، الشاطرة تغزل برجل حمار، إحنا إلى دهنا الهوا دوكو.

وأخطر من فهلوة رجل الشارع وسائق المركبة فهلوة المسؤلين، فكثير من إدارات الدولة تُدار بالفهلوة، وتغيب السياسات الواضحة ليحل محلها العشوائية وسياسة «الناس مش فاهمة حاجة». وخير مثال على ذلك إدارة النظام التعليمى فى مصر فى عهد الوزير طارق شوقى الذى أسس لثقافة «العلم فى التابلت مش فى الكتاب»، فلا خطة معلومة ولا ثبات على قرارات تُتخذ، ومحاولة إيهام الشعب بأن العالم كله (خمسة وخميسة) يحسدنا على سياساتنا التعليمية، ويجب أن نعلم أنه إذا غاب التعليم الرسمى المنضبط القائم على خطة معلنة، تزداد الفهلوة فى المجتمع.

والمصيبة الكبرى فهلوة الإعلاميين الجدد، الذين يتصدرون المشهد الإعلامى الآن خاصة فى الفضائيات؛ بتناولهم موضوعات سطحية وتافهة، وتلونهم ودورانهم مع كل الدوائر. والأخطر فهلوة بعض الدعاة المدَعين، الذين يخضعون لثقافة الصورة وضغوطاتها، ويميلون إما إلى تملق السلطة، بالفتاوى الميسرة والمبررة للاستبداد والفساد، أو تملق الجماهير بالروشنة الدعوية والمظهر النجومى وفتاوى «التيك أواى» وتسطيح الدين. وينطبق عليهم قوله تعالى فى سورة الكهف: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِى وَرُسُلِى هُزُوًا (106).

أخيرا، يقول المفكر الاجتماعى الفرنسى «جاك بيرك» إن الفهلوة هى السلوك المميز للشخصية المصرية، ويرى أن هذا السلوك مكَن مصر من ألا تضيع أبدا، لكنه جعلها تخسر كثيرا.