عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

 

 

ما هى حدود العلاقة بين التشيع والتصوف؟ وهل يعد التصوف مدخلًا للتشيع؟ يشترك التشيع مع التصوف فى محبة آل البيت، وإجلال نسل على وفاطمة، ونظر الشيعة إلى الإمام على أنه ركيزة سلسلة الأئمة، وكما نظر الصوفية له بأنه مصدر الولاية، وروى الشيعة عن الرسول الأحاديث التى تجل الإمام على مثل حديث غدير خم (من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم والى من والاه وعادى من عاداه)، وقال الرسول أيضاً (أنا مدينة العلم وعلى بابها) و(تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدًا كتاب الله وعترتى)، كما روى الصوفية الكثير من الروايات عن حكمة على وفضله.

ويركز كل من التصوف والتشيع على تقديس النظر إلى الولاية الكامنة فى آل البيت أو الإمامة التى تحملها سلسلة آل البيت، ويركز كل من التصوف والتشيع على التفسير الباطنى للإسلام ذلك التفسير الذى يملكه الشيخ بالنسبة للتصوف، ويملكه الإمام لدى الشيعة، فالمعرفة بالدين ليست مفتوحة للجميع ولكن المعرفة مغلقة سواء لدى الإمام أو الولى، وهذا ما يسبغ التصوف والتشيع معًا بصبغة كهنوتية مغلقة، فالإمام يوجه أتباعه بتفسيره للدين الذى يملكه وحده فى حين أن الولى يملك سر الطريق فى توجيه المريدين، ولكن المغايرة الواضحة هنا بين الإمام والوالى أن سلطة الإمام أكبر من السلطة الزمنية (سلطة الحكم) وتستخدم لتيسير شئون الاجتماع وشئون السياسة مما يمنح الإمام طابعًا روحيًا يجعله مسيطرًا على الإنسان والمجتمع وشئون الدولة والحكم فيما عرف بولاية الإمام، ولكن سلطة الولى هى على مريديه من أتباع الطريقة، وقد يمتد تأثيره إلى المجتمع والعوام من الناس وهذا أمر نادرًا ما يحدث، وقد يسبب مشكلات كبيرة للصوفى مع الفقهاء والسلطة السياسية.

ويمكن القول إن كلًا من التصوف والتشيع يؤمنان بوجود وساطة بين السماء والأرض، وبين الله والإنسان، فالوسيط هو الإمام لدى الشيعة، والوسيط هو الولى لدى التصوف، وقد اشترك كل من أتباع الشيعة والصوفية فى النظر إلى الإمام أو الولى بأن لهما كرامات كما للأنبياء معجزات، وأن هذه الكرامات تستطيع أن تخرق النظام السببى للعالم، وهو ما يسمح المقاربة بين النبى من ناحية والولى والإمام من ناحية أخرى، فى أن الولى يملك السر عبر سلسلة آل البيت، وأن الإمام يملك العصمة والعلم أيضاً عبر سلسلة آل البيت، والاثنان امتداد لمشكاة النبوة.

واشترك كل من الشيعة والصوفية فى بعض العادات والطقوس مثل محبة زيارة الأضرحة والاعتقاد بالتبرك بآل البيت، ومقامات الأئمة والأولياء، وعمل حلقات الذكر، ولبس الخرقة، وحفظ سلاسل الإمامة أو الولاية فى الطريقة، وإذا سألنا عن حقيقة كون التصوف بابًا لنشر التشيع: الإجابة نعم قد يكون التصوف وعبر ما هو مشترك مع التشيع أن يكون طريقًا لتوفير بيئة خصبة لنشر التشيع عبر الحلقات الحسينية، وغيرها من الطقوس المشتركة التى شكل فيها كون آل البيت قبلة لهؤلاء وأولئك.

ولعل أكبر دليل على تأثير التشيع فى التصوف على مستوى التدين الشعبى، أن الحقبة الفاطمية فى مصر قد أصلت لعادات شيعية فى الوعى الشعبى مثل التبرك بالأولياء، والتبرك بآل البيت، والاعتقاد بتأثير هؤلاء، ووجود كرامات ممتدة لهم حتى بعد رحيلهم.

وعلى الرغم من توظيف التشيع للتصوف فإن التصوف وإن أخذ عن التشيع، فإن مداه وتأثيره أوسع من التشيع لأن التصوف ظهر فى أرض السنة بكثافة مثلما ظهر فى أرض الشيعة، فقد نجد الطريقة النقشبندية والرفاعية، والشاذلية، وغيرها من الطرق فى أرض أهل السنة، ونجد الطريقة البكتاشية فى أرض الشيعة، فالتصوف أوسع مدى من التشيع، ولا يوجد فى التصوف تعصب بل تسامح، فى حين يرتكز المسلم الشيعى على التعصب، وتمييز هويته على باقى المسلمين.