رؤى
لماذا ينجح الشباب المصرى فى الخارج ويحبطون او يفشلون فى مصر؟ لماذا تنقل لنا وكالات الأنباء أخبارا عن نجاحات واكتشافات واختراعات بعض أولادنا فى الخارج ولم تنقل خبرا واحدا عن نجاح أحدهم داخل مصر او فى البلدان العربية؟ هل بسبب العقلية البيروقراطية التى تحكم الجامعات ومراكز البحوث؟ هل بسبب ضعف الميزانيات المخصصة للبحوث؟.
قبل يومين نقلت وكالات الأنباء خبرا عن توصل الطبيب الشاب أنيس حنا مع فريق أمريكى فى جامعة ألبرت أينشتين بنيويورك إلى الجينات المتحكمة فى شفاء جلطات القلب، أنيس خريج كلية طب الإسكندرية سنة 2017، عمره 28 سنة، من أبناء محافظة أسيوط، يعنى تخرج منذ أربع سنوات، يا دوب، كما يقولون، مخلص الامتياز، الأخبار التى نقلتها وكالات الأنباء أشارت إلى احتفاء كبريات الدوريات العلمية المتخصصة فى الولايات المتحدة به، وحصوله على إشادة من قبل منظمة القلب الأمريكية، وهى أكبر منظمة بهذا التخصص عالميا.
انيس عمل مع الفريق الأمريكى لمدة أربع سنوات على الجينات المسئولة عن المتسببة أو المتحكمة فى التهابات وتليف عضلة القلب نتيجة الجلطة، وتوصلوا إلى جين يسمى «Smad3»، وتم إثبات ذلك فى دراسة نشروها فى دورية سيركيولاشن ريسيرش أبحاث الدورة الدموية، وهى من أهم الدوريات فى مجال أبحاث القلب عالميا. وقام أنيس بمفرده بتصميم نسيج مشابه لنسيج الجلطة فى المعمل لدراسة سلوك الخلايا واستجابتها للعلاج الجينيني وقام بنشره فى دورية Matrix Biology،
الجين المكتشف يعمل على تحور خلايا الالتهاب إلى خلايا مفيدة وهو ما يتسبب فى تثبيط الالتهاب والمساهمة فى شفاء عضلة القلب، بالإضافة إلى حماية الجزء العضلى المجاور للجلطة من التلف، أجرى انيس وفريقه تجاربهم على الفئران، ونجت الفئران من الجلطات، حيث تسبب الجين فى تحسين وظائف القلب وتقليص نسبة الوفيات الناتجة عن الجلطة لأقل من النصف. واكتشفوا أن هذا الجين بعد ادخال تعديلات عليه، وتجريبه على الفئران، يقوم بتنشيط الخلايا ويعمل على إزالة بقايا الجزء التالف من القلب.
هذا الاكتشاف حسب وكالات الأنباء سوف يمهد الطريق إلى تخليق علاج جينى لجلطات القلب، والتى تسببت فى وفاة 18 مليون شخص عام 2019 بنسبة 32% من كل أسباب الوفاة، و85% من الوفيات بسبب أمراض القلب كانت نتيجة الجلطات.
تخيلوا مستقبل ابننا انيس فى حالة بقائه، هل كان سيصل إلى هذا الاكتشاف، بالطبع لا، لماذا؟ لأسباب كثيرة، منها نظام التعليم، ومنها عدم اهتمامنا بالبحث، ومنها عدم تخصيص موازنة للبحوث، ومنها البيروقراطية التى تحكم العقليات العلمية.