عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

الحكمة هى التكامل بين الفهم والمعرفة والخبرة، وهى التى تولد الوعى بطريقة التعامل مع الأحداث، وهى أن يقوم الإنسان بفعل الأشياء بالتأنى والتروى، والحكمة أن يعرف الإنسان الصواب والخطأ، وأن يكون لديه البصيرة فى كثير من الأمور. وهو ما يتسم به المصرى عبر العصور، فالمصرى القديم قدس الحكمة فى صورة الإله «تحوت» أو «توت» إله الحكمة عند الفراعنة، وهو رب الحكمة والحسابات والفلك.

 والمصرى حكيم بطبعه، يتفاءل بالقدرة على حل أصعب مشكلات الحياة، يتميز بالهدوء عند مواجهة القرارات. قال على بن أبى طالب: «إن الحكمة هى ضالة المؤمن، فخذوا الحكمة ولو من أهل النفاق». وفى عصرنا هذا نأخذ الحكمة من العبارات التى يكتبها المصريون على المركبات، فنجد عبارات: «إللى باعك بيعه»، فحياة المصرى لا تقف على أحد. وعن الصحاب نجد: «إن لقيت غراب أبيض تلاقى صاحب يتصاحب»، وأيضاً «صاحب نفسك ترتاح»، و«شكر خاص للرخاص». وهذا سائق مكروباص مهموم يكتب: «رميت همومى البحر طلع السمك يلطم».

والصبر من الحكمة، والمصرى دائماً صابر، صابر على الحكومات المتعاقبة ومجلس النواب وارتفاع الأسعار، وشعاره دائماً «الصبر طيب يا بنى آدمين». ونظير هذا الصبر لا يطلب سوى الكلمة الطيبة من المسؤلين، فيكتب على المركبات «لاقينى ولا تغدينى» لكنه للأسف لا بيتلاقى والا بيتغدى. وكل ما يتمناه هو الستر، فنجد العبارة التالية مكتوبة على ظهر سيارة نقل «الناس طالبة خبط وغنا وانا طالب الستر من ربنا».

والمصرى دائماً يتوجس خيفة من الدنيا ولا يثق فيها، ويلخص بحكمته موقفه من الدنيا فى العبارة التالية: «دنيا زى الميزان بترفع الناقص» وشايف إن «الدنيا مش على وضعها»، ورغم أنه يمشى «عدل» إلا أن أعداءه مش سايبينه فى حاله، لذا تسقط هذه العبارة المكتوبة على كثير من المركبات «امشى عدل يحتار عدوك فيك» فهو حتى لو سلك منهجاً سليماً ليس بالضرورة بمنأى عن يد الحكومة.

والحكمة لا علاقة لها بمستوى التعليم، فكم من متعلم أهوج، وكم من بسيط حكيم. ولكنها مرتبطة بالعمر؛ فكلما تقدم الإنسان فى العمر زادت خبرته وظهرت حكمته. يرى جلال الدين الرومى بعد أن تقدم به العمر أن الحكمة هى تغير النفس، ويقول: «فيما مضى كنت أحاول أن أغير العالم، أما الآن وقد لامستنى الحكمة، فلا أحاول أن أغير شيئاً سوى نفسى».

ويضرب بلقمان المثل فى الحكمة، وله سورة فى القرآن. ولد فى النوبة، لذا نجد أهل الجنوب عادة أكثر حكمة من أهل الشمال. ويا ليتنا نأخذ بحكم لقمان لابنه ونجعلها دستوراً لنا هذه الأيام، ففيها الصلاح والإصلاح للأفراد وللأمة. ينهى لقمان ابنه عن الشرك باعتباره أعظم الظلم (يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)، ثم يأمره بإقامة الصلاة التى ضيعها كثير من الشباب (يا بنى أقم الصلاة..)، ويدعو إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (وأمر بالمعروف وانهَ عن المنكر) ويأمره بالصبر (واصبر على ما أصابك) وعدم التكبر على الناس بالإعراض عنهم (ولا تصعر خدك للناس) وعدم التبختر فى المشية على وجه العظمة والفخار على الناس (ولا تمشِ فى الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختالٍ فخورٍ).