عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أيام التليفون المحطوط.. كانت هوايتى ولعبتى المفضلة أن أرد على جميع المكالمات التى يتلقاها الولد الشقى السعدنى الكبير ومن بين هذه المكالمات كان المتحدث على الجانب الآخر السيدة جيهان السادات وأيامها لم أكن أعرف شخصيتها ولا حتى الرئيس السادات نفسه، ففى هذه الأيام فى منتصف الستينيات كان جمال عبدالناصر هو كل شيء حتى بالنسبة لنا  ونحن أطفال صغار، حتى جاء اليوم الذى سمعنا فيه بالمؤامرة العظمى وكان لنا من العمر عشر سنوات واكتشفنا أن السادات الذى يحكم مصر منذ رحيل ناصر هو أحد الأصدقاء المقربين الى شخص وقلب السعدنى الكبير بل انهما معاً من النبهاء الذين تتلمذوا على يدى أحد أعظم  عشاق الأرض المصرية وتاج الرأس زكريا الحجاوي.. وبالطبع توترت العلاقة بين السادات وكل المجموعة التى كانت تدين بالعشق والولاء والمحبة لشخص  وفكر جمال عبدالناصر وحكم على السعدنى بالسجن لخمس سنوات.. تدخل الرئيس السادات لتخفيف  الحكم الى عامين فقط لا غير وغادر السعدنى مصر إلى الخارج ليبحث لقلمه عن مكان بعيدا عن مصر السادات ثم أصبح أحد أخطر معارضى السادات بعد أن أصدر مجلة 23 يوليو فى لندن بدعم من حاكم الشارقة صديق الأسرة الأقدم الشيخ سلطان القاسمى، ومع أن الجميع يعلم مصادر التمويل انها فقط تخص الشيخ سلطان إلا أن الأرجوزات تطوعوا لنسج أساطير وحكايات ما أنزل الله بها من سلطان وادعى البعض أنها «أموال» القذافى  وصدام حسين ويشهد الله أن السعدنى  هاجم القذافى تحديدا لأنه مع دخول مجلة تحمل تاريخاً هو ذاته أعلن ولاءه له وانتماءه إلى فكر قائده العظيم جمال عبدالناصر.. وأغلقت المجلة أبوابها بعد صدور العدد رقم 52 لعدم وجود أى دعم عربى لأن المجلة كان الولاء الأعظم لها هو مصر ودور مصر  وشعب مصر.. وفى رحلة المنفى جاء أحد أصحاب الفكر المنير والقلم الذى كان عنوانًا للسهل الممتنع.. الممتع معاً.. أستاذنا وعمنا الراحل الكبير أحمد بهاء الدين.. وكان بهاء والسعدنى يجتمعان يوميا فى ديوانه صحفى كويتى كانت مصر بالنسبة له هى وطنه الأول وهى همه الأكبر وهى عشقه وهدفه الأسمي.. انه أحمد الجار الله الذى ظل وفياً لمصر رغم اختلاف العهود والرؤساء والتوجهات، كان السعدنى يلعن سلوك السادات بعد زيارة القدس فى زاويته التى أصبحت مقروءة بشكل رهيب فى الكويت فى جريدة السياسة.. بينما افتتاحية أحمد الجار الله على صدر الصحيفة تشيد بالخطوة الجريئة غير المسبوقة فى تاريخ الصراع العربى الاسرائيلي. ولكن اختلاف الرأى لم يفسد للود أى قضية.. وكان الاستاذ بهاء الذى لا يركن إلى الصراع أو الاختلاف بعنف.. قد اختار الكويت محلا ومأوى له اعتراضا على زيارة القدس،  وهناك تقديرا لقلمه الكبير وشخصه وقامته.. أسندوا إليه مهمة رئاسة تحرير «العربي».. ومن خلال اللقاءات التى اختزنها العقل فزادته ضياء كان أحمد بهاء الدين والسعدنى يتبادلان الآراء وكان محور الحديث على الدوام هو شخص وسياسة الرئيس الراحل أنور السادات رحمه الله، وكان الثلاثى يجمعهم علاقة مودة وصداقة وان كان ما بين السادات والسعدنى أكثر عمقاً، وهنا أتوقف عند رأى الأستاذ بهاء فى شخص سيدة مصر الأولى السيدة جيهان السادات شفاها الله وعافاها من كل شر.. هذه السيدة الفاضلة.. كانت كما  البلسم المداوى للجراح النفسية وقد سبق لها وأن لعبت نفس الدور للجراح التى تعرض لها  جنود وضباط جيش مصر العظيم عندما تحولت إلى راع لهولاء الرجال الذين سقطوا فى معارك الشرف ضد عدو الأمة الأخطر.. وربما لا يعلم الكثيرون أن السيدة جيهان السادات كانت تحرص على أن تطيب خاطر هؤلاء الذين اختلفوا مع الرئيس فنالهم من غضبه الشيء الكثير، وكان على رأسهم كاتبنا الأكبر أحمد بهاء الدين ولم يقطع الأستاذ بهاء على الإطلاق شعرة معاوية مع نظام حكم أو أسرة الرئيس السادات بل إن السيدة الفاضلة جيهان السادات كانت دائمة السؤال عن الأستاذ بهاء فإذا علمت أنه جاء إلى القاهرة قامت بالاتصال به ودعته إلى اللقاء وحرصت على أن تعرف آراء الأستاذ فى كل الأمور وبرحابة صدر  لا مثيل لها وكان للأستاذ رأى فى زيارة القدس.. وهو أن يحقق السادات اجماعا عربيا على أن يمثلهم جميعاً فى الرحلة بحيث يحمل مبادرة للصلح تنص على السلام مقابل استعادة كل الحقوق العربية فى سوريا والأردن ولبنان والضفة وغزة وبالتأكيد فى سيناء.. يومها قال الأستاذ إن الاجماع العربى للمبادرة كان من شأنه أن يجعل السادات بطلا للحرب والسلام بحق وحقيقى وأن  رأى الأستاذ أن السادات يتوجه ويتعامل مع الاسرائيليين استراتيجياً بشكل فى منتهى الذكاء  ولكن الخطوات التى اتبعها... كانت فى حاجة إلى دراسات متعمقة  وحوارات صريحة مع القادة العرب.. وكانت السيدة جيهان السادات تبدى ترحيبها بآراء الأستاذ باعتباره أحد حكماء الرأى فى وطننا العربى الكبير وانه يعارض دون تجريح ودون اعلان عن هذه المعارضة أو الشطط فيها.. ومن أجمل ما سمعت من رأى فى حق السيدة الرائعة جيهان السادات ما قاله العم الجميل بهاء فى احد هذه اللقاءات.. انه لو كان الحظ لعب دوره وتولت جيهان مقاليد الأمور لأصبح الوضع فى السنوات الأخيرة من حكم السادات أفضل كثيراً، والحق أقول إن ما جعلنى أقدر وأحترم هذه السيدة.. انها لم تستغل مكانتها الرفيعة فى عهد السادات لكسب شخصى و لا لانتقام من أحدهم أو لتفضيل بعض صلعاء العقل والموهبة على أصحاب الكفاءات.. ولم تفكر لحظة واحدة فى أن تورث الجمهورية التى ثار من أجلها الضباط الأحرار إلى ابنها الأوحد جمال الذى اطلقوا اسم قائد الثورة عليه.. كان سلوك جمال السادات مثاليا تماما مثل والدته.. وأذكر بالخير هنا كلمات المهندس حسب الله الكفراوى وهو يفتتح احد المشروعات العملاقة فى عصر السادات وكانت السيدة الفاضلة جيهان السادات  ترافقه..  وحدث أن تم تبادل للرأى فى تعديل بعض الأمور بين الوزير الكفراوى وأحد كبار المهندسين بالمشروع والذى أراد ان يأخذ رأى السيدة جيهان السادات.. فقالت هذه أمور هندسية تخص حضرتك ومعالى  الوزير.. وأنا هنا مجرد ضيفة عليكم.،. نعم لم تكن هذه السيدة تتحكم ولا تتدخل فى أمر من أمور السيادة ولذلك تركت خلفها بصمة رائعة فى قلوب المصريين واليوم أسمع صيحات من البسطاء وغيرهم ممن أحبوها واحترموها.. تدعو المولى عز وجل أن يخفف عنها آلام المرض وأن يمن عليها بالشفاء سيدة مصر الجميلة فى المظهر والجوهر جيهان السادات.

اسأل الله أن يحفظك من كل مكروه.