عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

 

يعتبر التعليم الجامعى القاطرة التى تشد حركة المجتمع نحو النهضة والتقدم، وأى تراجع فى هذا القطاع من التعليم ينعكس بالسلب على حركة المجتمع، وفى الفترة الأخيرة من حياة مصر بدأ القطاع الخاص يدخل مجال التعليم الجامعى، ودخلت بعض الجامعات الخاصة فى شراكة مع الجامعات الأوروبية والأمريكية واليابانية، ولكن هناك جامعات خاصة تبحث عن الربح دون الاهتمام بالكيفية التى عليها حالة التعليم فى الجامعة، وبالمقابل اهتمت جامعات خاصة أخرى بكفاءة التعليم وجودته وأرسلت طلابها للخارج فى بعض سنوات الدراسة إلى الجامعات الأجنبية وخاصة الجامعة الألمانية والبريطانية واليابانية.

وهنا بدأ يتحول نظر المصريين إلى الجامعات الخاصة من وجهة نظر سلبية إلى تقدير لها نتيجة لبروز جامعات أثبتت جدارتها فى كفاءة التعليم، وتتجه الدولة الآن إلى بناء جامعات أهلية جديدة، ليكون لدينا ثلاثة قطاعات أساسية فى التعليم الجامعى، وهى الخاص والأهلى والحكومى، واتجه الرأسماليون والأغنياء إلى التوجه نحو التعليم الخاص السوبر والمتميز للغاية، واتجهت الشريحة الأعلى فى الطبقة الوسطى إلى إدخال أبنائهم إلى الجامعات الخاصة العادية أو الجامعات الأهلية متى عجزوا عن الدخول إلى كليات القمة فى الجامعات الحكومية، فى حين شملت الجامعات الحكومية الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة، وطبقة الفقراء فى المجتمع.

ولأن التعليم هو أساس الحراك والتغير الاجتماعى فى المجتمع المصرى، فإن التعليم الجامعى فى مصر الآن سوف يسهم فى ترسيخ الطبقية، والتفاوت الطبقى، فأبناء الأثرياء يتلقون تعليمهم إما فى جامعات الغرب على نفقة أهاليهم الأثرياء، أو يتلقونه فى الجامعات الخاصة المتميزة مثل الألمانية والأمريكية واليابانية، وهذا التعليم سوف يكفل لهم أن يكونوا فى الشريحة الأولى فى الوظائف الرفيعة التى تدير شئون الدولة المصرية، ومن جانب آخر فإن الشريحة العليا من الطبقة الوسطى والتى تتعلم فى الجامعات الخاصة العادية، وفى كليات القمة بالجامعات الحكومية سوف تمثل الشريحة الثانية فى إدارة الدولة واحتلال الوظائف الحكومية، وسوف تشكل هذه الطبقة ظهيرا واضحا للطبقة الأولى.

أما الجامعات الحكومية التى هى أصل التعليم فى مصر يتم تجفيف ينابيعها من الكوادر المتميزة من أعضاء هيئة التدريس، وكثير منهم تعلم فى الخارج، فاستطاع الخليج أن يجذب العديد منهم للعمل فى جامعاته بعقود مغرية، وجانب آخر من هؤلاء المتميزين جذبتهم الجامعات الخاصة المتميزة فى مصر، والبعض الآخر ذهب للجامعات الخاصة العادية لتضعف الرئة الحية من الأساتذة المتميزين الذين تعلموا على نفقة الدولة، ونتيجة لازدياد أعداد الطلاب فى الجامعات الحكومية، فقد افتقد التعليم فى الجامعات الحكومية الجودة والكفاءة، وخاصة الكليات النظرية والذى قد يصل مجموع الطلبة فيها إلى عشرين ألف طالب فى الكلية الواحدة، دون جودة أو مهارات اكتسبها الخريج بالشهادة التى حصل عليها، ويتخرج الخريجون من هذه الكليات، ويجدون أنفسهم فى الشارع، ويعملون فى أى وظيفة وهى فى الأغلب الأعم لا علاقة لها بطبيعة الشهادة التى حصلوا عليها، والتى لم تمنحهم أى مهارات عملية، وعلى الدولة أن تعيد النظر فى أعداد الطلاب فى الكليات النظرية، كما أن ما يسمى بكليات القمة فى الجامعات الحكومية بدأ يتأثر بالسلب بسبب زيادة عدد الطلاب، وضعف الامكانيات فى هذه الجامعات قياسًا بتوفر الامكانيات بالجامعات الخاصة مع قلة عدد طلابها، وزيادة نوعية الجودة فيها.

إن ما نراه واضحًا فى الأفق هو أن من يملك المال سيحصل على فرصة تعليم جيدة، وأن الجامعات الخاصة والأهلية سيتم تقييمها ورفع سعر المصاريف فيها وفقًا لجودتها وكفاءة التعليم فيها، وبالمقابل فإن الجامعات الحكومية إن لم يتم تطوير أنظمة التعليم فيها سوف يزداد تراجعها وقيمتها، وقيمة الشهادات التى تمنحها، وهذا ما سوف ينعكس بالضرورة علي سوق العمل، وسوف يتسع التمايز الطبقى الذى يصنعه تنوع التعليم مع تراكم الزمن.