عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

 

 

التعبير عن مكنونات النفس وقناعات الفرد، هى جزء من ثقافة المجتمع تؤثر فيها وتتأثر بها. ومن وسائل هذا التعبير ما يكتبه الأفراد فى مفكراتهم وأوراقهم، ومنها ما يكتبونه على الجدران وصفحات التواصل الاجتماعي، وأيضا على مركباتهم، بكافة أنواعها ملاكي، أجرة ، نقل خفيف أو ثقيل، ميكر أو مينى باص، أو حتى تكاتك.

معروفٌ عن المصرى خوفه الشديد من الحسد رغم تدينه الواضح، ويعلل ذلك بأن الحسد مذكور فى القرآن. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسلم من الحسد والسحر. والحسد مكون أساسى من مكونات الثقافة المصرية. ونجد عبارات كثيرة على السيارات خاصة بالحسد واعتقاد المصرى فيه، حتى على السيارات البسيطة التى لا تُحسد. فعلى سيارة صغيرة «فان» نجد هذه العبارة: «بلاش نظرة حسد».

ومن العبارات المكتوبة على السيارات بأنواعها المختلفة من ملاكى إلى ميكرباص وحتى التكاتك نجد: طلبنا من ربنا وادانا وعيون الناس مش سيبانا - على قد حالى وعيون الناس مش سايبانى - الحلوة من اليابان صاحبها راجل غلبان - ربنا يكفينا شر ناس بتحبنا - 1 + 1 = 2 احمينى يا رب من العين - ما تبحلقش كده يا لوح دى جت بطلوع الروووح - ما تبصش كده يا عبيط الحلوة دى بالتقسيط.

يعتقد بعض العلماء أن منشأ فكرة الحسد كان فى صحارى الشرق الأوسط، وتحديدا فى الحضارة السومرية القديمة، وظهرت فكرة الحسد أيضا فى الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية. فالحضارة المصرية القديمة أعطت منذ نشأها اهتماما كبيرا للحسد. فنجد فى أسطورة إيزيس وأوزوريس أن حورس لم يستعد حكمه لمصر إلا من خلال عين سحرية زرقاء «عين حورس» التى كانت رمزاً يخدم الشعائر والمعتقدات المصرية القديمة فى الحياة والبعث على حد سواء.

والاعتقاد فى الحسد ليس مقصوراً على البسطاء أو غير المتعلمين، فالكل فيه سواء من الأمى حتى أستاذ الجامعة. فالبسطاء –خوفاً من الحسد- قد يسمون أبناءهم بأسماء غريبة مثل خيشة وجعران. ويحفل التراث الشعبى المصرى باعتقادات خاطئة عن الحسد، مثل خمسة وخميسة، ووضع خرزة زرقاء، أو حدوة حصان ومسك الخشب، ورش الملح فى البيوت.

وللحسد مكان ومساحة فى الأغانى المصرية، فالغناء كان وما يزال من أبرز الفنون المعبرة عن مفهوم الحسد فى المجتمع المصري. على سبيل المثال أغنية عبدالمطلب: يا حاسدين الناس مالكم ومال الناس.. دا كل قلب فيه ألم ولكل واحد كاس. ومحرم فؤاد: والنبى لنكيد العزال، ويخاطب جورجينا رزق فى فيلم «الملكة وأنا: محذرا إياها: دارى جمالك دى العيون بصاصة.. دارى جمالك دى الرجال قناصة.. دارى جمالك كل نظرة رصاصة. وفريد الأطرش: عين الحسود فيها عود يا حلاوة.. عريس قمر وعروسته حلاوة.. وإحنا الليلة دى كيدنا الأعادي. وسعاد مكاوي: لما رمتنا العين شوف أنت فى فين وأنا فين.. واللى شافونا ليه يحسدونا ويفرقوا القلبين.

والشخص الذى يعتقد فى الحسد بصورة كبيرة قد يصنف ضمن الشخصيات الوسواسية، التى لا تسعى إلى التغيير وتنظر إلى الأمور بتشاؤم وخوف شديد. والخطورة فى الأمر أننا قد نكرس الخوف من الحسد فى نفوس وسلوكيات أطفالنا ببعض الممارسات الخاطئة، مثل توبيخ الطفل على قلب «الشبشب» مبررين ذلك بأن هذا الأمر يجلب الفقر والعين. والخطورة أيضاً أن يجعل البعض من الحسد شماعة لأحداث سلبية تقع له، وأن يُحمل الحسد أكثر مما يحتمل. وأن يعتبر أن العين هى ألد أعدائه.