رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بهدوء

 

 

تشكل بلاد الشام المدخل الشرقى لمصر، ومن البوابة الشرقية والشمالية دخل معظم المحتلين مصر، فمن الشرق دخل الهكسوس، والفرس مصر القديمة، ومن الشرق غزى التتار والصليبون مصر فى الحقبة الإسلامية، ومن الشمال البحرى جاء الرومان قديمًا، وجاء الفرنسيون والانجليز حديثًا، ولذا تكتسب البوابة الشرقية مكانة هامة فى الأمن القومى المصرى عبر تاريخنا المجيد منذ القدم وإلى الآن، لأنها كانت مدخل الغزاة فى معظم فترات التاريخ المصرى، وزادت أهمية العناية بالبوابة الشرقية بعد قيام دولة اسرائيل عام 1948، وخوض مصر ثلاث معارك معها.

وشكلت حالة التواصل المصرية الشامية حزام الأمان للعالم الإسلامى فى مواجهة الصليبين والتتار، وكان محمد على على وعي تام بأهمية السيطرة على بلاد الشام كجزء من الإمبراطورية المصرية فى الحقبة العلوية، لأن الشام هى المدخل الشرقى لمصر هى مدخل الغزاة والمخاطر والمطامع الكثيرة، واحتلت القضية الفلسطينية مكانة مركزية فى الأمن القومى المصرى، فى محادثات السلام فى السبعينيات من القرن المنصرم دعا الرئيس السادات الفلسطينيين لطاولة المفاوضات ولكنهم رفضوا، ولو أنهم قبلوا لحصلوا على الكثير مع مصر من تلك الاتفاقية، وكانت مصر فى حقبة مبارك أحد رعاة اتفاقية أوسلو، وهى أيضًا التى تتوسط دومًا بين الاسرائيليين والفلسطينيين فى حالات الانتفاضات المتكررة، وهى التى تفرض اتفاقيات التهدئة بينهم، وذلك من منطلق أهمية فلسطين وقضيتها لمصر.

وتدرك القيادة السياسية الآن أهمية المدخل الشرقى لمصر، فرفضت مصر أن تنجر وراء دعوة بعض الأخوة العرب للتدخل فى الشأن السورى وتغيير النظام، لأن الانهيار الكامل للدولة السورية يمثل تهديدا مباشرا لمصر، وكان موقف القيادة المصرية فى القضية السورية يتحرك من داعى أمن مصر القومى، حتى لو اختلفت مصر مع أشقائها العرب فى هذا الشأن، وكشفت الأيام أن رؤية مصر كانت الأصوب فى هذه القضية.

كذلك ركزت نظرة القيادة المصرية على تماسك الفلسطينيين فى البقاء على أرضهم، وتعزيز مقاومتهم للمحتل لأن فى ذلك دفاعًا عن مصر وعن العرب حتى لا تتمدد إسرائيل فى أرض العرب، ومصر بحكم كونها من دول الطوق، بل وأهم دولة فى هذا الطوق عليها مسئولية كبيرة فى حرصها على الفلسطينيين الذين يمثلون لنا القشرة العازلة مع العدو، ولذا فهى تقدم كل أشكال الدعم الطبى، واللوجيستى، والسياسى.

وأسفر تدخل القيادة المصرية فى الأيام السالفة عن وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد مشهد تاريخى أبلى فيه الفلسطينيون بلاءً حسنًا رغم كل الخراب الذى حل بغزة، ولتؤكد القيادة المصرية على مركزيتها فى المنطقة العربية ودورها المتجذر فى التاريخ، وتنتزع مصر بقيادتها اعتراف السلطة الأمريكية بأهمية وثقل الدور المصرى فى المنطقة العربية عامة، والقضية الفلسطينية خاصة.

وفى هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الدولة المصرية، نحن فى حاجة إلى مساندة وطننا بالوقوف خلف القيادة المصرية لأنها تحمل مسئولية تاريخية على ظهرها، مسئولية ثقيلة فى ظل هذا المحيط الشائك الذى تعيش فيه مصر، وبات من الضرورى مساندة القيادة فى موقفها المتميز من القضية الفلسطينية، والاصطفاف وراءها فى قضية سد النهضة، وللعلم أن ما حدث فى القضية الفلسطينية فى الأيام الماضية له أصداؤه المؤثرة على قضية سد النهضة، ويصب فى صالح الموقف المصرى، ونحن فى حاجة لتعزيز اللحمة الداخلية للوطن وتقويتها لمواجهة أزمة الوجود التى يتعرض لها الوطن هذه الأيام.