رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

 

 

 

طرق الحديد الساخن، هى دعوة لتحويل الحديد إلى أشكال نافعة عن طريق الطرق لتسهيل عملية تشكيله، وهو خطوة جديدة للأمام يأخذها شخص متحمس لعمل محدد، بحيث لا يتوقف عند الخطوة الأولى، لو تركنا الحديد يبرد عاد إلى وضعه الأول، ولو اتجهنا للخطوة الثانية بعد تسخين الحديد وصلنا إلى احتياجاتنا منه التى نستخدمها فى حياتنا العامة، بالمثل فإن وقف إطلاق النار فى غزة والقدس المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين والذى تم بجهود مصرية متوقع أن يعود مرة أخرى، كما حدث فى السابق عندما كان المجتمع الدولى يقف عند هذه الخطوة، وسرعان ما تستأنف الأحداث بين الجانبين.

هذه المرة دعت مصر المجتمع الدولى إلى اتخاذ الخطوة الثانية وسريعاً، لإحياء مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى تمهيداً للوصول إلى حل الدولتين، فخلال لقاء الرئيس السيسى مع وزير خارجية قبرص، دعا إلى سرعة إحياء مفاوضات السلام على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولى، وكان موقف الرئيس السيسى واضحاً منذ تدخل مصر لوقف إطلاق النار بأن يقوم المجتمع الدولى بواجبه المهم، فى اتخاذ إجراءات إرساء السلام الشامل والعادل فى المنطقة، وأن يكون للفلسطينيين دولة مستقلة يتمتعون فيها بكافة الحقوق المشروعة مثل باقى الشعوب الحرة، وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل، كانت مصر ترى أن وقف إطلاق النار غير كافٍ، لنزع فتيل الأزمة التى استمرت عشرات السنين، وشهدت مواجهات عنيفة، كما شهدت وقفا لإطلاق النار فى كل مرة، وكان الأمر يتوقف عند ذلك وتحدث مناوشات تؤدى إلى استئناف المعارك التى يسقط فيها الأبرياء، والمؤسسات وتضيع البنية التحتية فى الجانب الفلسطينى، هذه المرة يريد الرئيس السيسى استغلال وقف إطلاق النار فى تجفيف منابع الصراع بالكامل، وأن تكون هناك دولتان، إسرائيلية وفلسطينية، حتى يعم السلام المنطقة بالكامل، لأنه بدون ذلك لن تعيش إسرائيل فى الأمن الذى تنشده، ولن يتوقف الفلسطينيون عن المطالبة بدولتهم المستقلة، وتتدهور الأوضاع مجدداً، ويحدث الخراب والتشريد والقتل، فلن ينسى الفلسطينيون دولتهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات، ولن تكف إسرائيل عن ملاحقتهم للانفراد بكافة الحقوق، الأمر الذى يحتاج إلى تكاتف المجتمع الدولى لإنهاء هذا الصراع إلى الأبد.

طرق الحديد وهو ساخن بعد وقف إطلاق النار هو دعوة مصرية بعد نجاح خطة إسكات الرصاص، وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية مؤيدة لجهود مصر، فى لقاء موازٍ للقاء الرئيس السيسى مع وزير خارجية قبرص، التقى الرئيس الأمريكى بايدن مع نظيره الكورى الجنوبى، وأكد بايدن خلال اللقاء أن إقامة دولة فلسطين إلى جانب إسرائيل هو الحل الوحيد للنزاع بين إسرائيل وفلسطين، وأعلن عن التزامه بأمن إسرائيل وضرورة أن تعترف المنطقة بشكل لا لبس فيه بإسرائيل، وقال بايدن أيضاً: لا تغيير فى التزامى بأمن إسرائيل، التغيير هو أننا ما زلنا بحاجة إلى حل الدولتين وهذا هو الحل الوحيد.

تصريحات بايدن تحمل شبهة التحيز لإسرائيل إلا أنها مقبولة إذا صدقت نوايا الولايات المتحدة الأمريكية فى البحث عن حل الدولتين، والاستجابة لدعوة مصر بأنها الحل الوحيد للأزمة فى المنطقة.

بايدن يرى أن هناك لبساً فى الاعتراف بإسرائيل، وهذا موجود لأن إسرائيل لا تريد أن يكون للفلسطينيين وطن مستقل، وبالتالى فإن استقرارها الأمنى سيكون منقوصاً، ولن تكون دولة مستقرة إلا إذا أعطت للفلسطينيين حقوقهم، لأنها حتى الآن هى دولة مغتصبة لحقوق الغير، تريد أن تصبح إسرائيل الكبرى على حساب الحق العربى، الجلوس إلى مائدة مفاوضات السلام سوف يحل كافة الإشكاليات التى تحدث عنها بايدن، التى لا يخفى فيها انحيازه لليهود، ورغم عدم تبنى الديمقراطيين لوجهات النظر اليمينية فى إسرائيل، إلا أن بايدن جامل اليهود بعد انتخابه وقام بتعيين تونى بلينكن وزيراً للخارجية وهو يهودى محبب لإسرائيل، كما يعتبر بايدن أول رئيس أمريكى يعين عدداً كبيراً من اليهود فى إدارته مثل وزير الأمن الداخلى ووزير المالية، ويأتى وزير الخارجية الأمريكية «تونى» ثانى يهودى يعين وزيراً للخارجية بعد هنرى كسينجر فى إدارة نيكسون.

أمريكا تحب إسرائيل ما شاءت، ولكن لا يجب أن يكون هذا الحب على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة التى يجب أن تشرع أمريكا وباقى دول المجتمع الدولى فى اتخاذ إجراءات إعادتها وأن يطرق المجتمع الدولى بالكامل على الحديد الساخن الذى قدمته مصر فى صورة وقف إطلاق النار ورعاية التزام الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى به، والانحياز لدعوة مصر لإعمار غزة، وتطوعها بإرسال المساعدات العينية الغذائية والطبية لسكان غزة لرفع الروح المعنوية لهم جراء العدوان الإسرائيلى، طرق الحديد الذى يعتبر إيذاناً ببدء عملية سلام جديدة تعطى للفلسطينيين حقوقهم المسلوبة، هو واجب على المجتمع الدولى، وإذا تأخر الأمر أكثر من ذلك، فإن عملية وقف إطلاق النار سوف تخفى النيران تحت الرماد، وسرعان ما تنفجر المواجهات من جديد، لتدور الأحداث فى حلقة مفرغة، لن ينعم فيها الإسرائيليون بالأمن، ولن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة ثم يتم البحث عن مخرج جديد للأزمة، حالياً الوضع مهيأ للسلام، إذا أراد المجتمع الدولى، على طريقة الذين يريدون إصلاحاً، فمصر دولة السلام تمد يدها بخطة سلام واضحة وقانونية لإنهاء الأزمة من جذورها، ولا بد أن يستغلها الجميع، ويبدأ فى تنفيذها فوراً لتجنيب المنطقة ويلات عدم الاستقرار الذى يهيمن عليها.