عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بهدوء

 

 

 

يشكل الإعلام الهادف صاحب الرسالة دورًا بارزًا فى صناعة وتشكيل وعى الشعوب، وإذا كان هربرت شيللر فى كتابه (المتلاعبون بالعقول) يؤكد على دور الإعلام فى تزييف الوعى، فإن الإعلام الهادف والصادق يؤثر وبقوة فى تشكيل هذا الوعى، ومن هذا المنطلق أتابع بشغف ما يبثه الإعلامى القدير محمود سعد فى برنامجه (باب الخلق) أتابع إعلامى قدير يبث رسالة مؤثرة فى وعى الجماهير، وفى نظرتها لبلدها وثقافتها، وفى معرفة الجماهير للطبقات الدنيا والمهمشين فى هذا الوطن، ليبرز لنا مواطن الجمال، وعراقة التاريخ المصرى، وكفاح البسطاء من أجل العيش.

يبث محمود سعد حلقاته عن الأماكن والآثار التاريخية فى مصر فى مختلف الحقب الفرعونية والقبطية والإسلامية والحديثة فى العصر العلوى، فيحكى لك قصة المعابد والكنائس والمساجد والقصور والقبور، وما خلف هذه الأماكن من قصص بشرية وفاعلية إنسانية فى التاريخ، فتشاهد عظمة وطنك وتاريخه المجيد، فتشعر بفخر الانتماء إلى هذا التاريخ العريق، وبأن هذه الأماكن فى وطنك العزيز الذى تفخر به.

وكم يشعرك محمود سعد بأنه من طينة البسطاء فى هذا الوطن، حين يسعى لتسليط الضوء على عاملة نظافة بسيطة بين آثار مصر العتيقة، وهى تكافح بشرف من أجل العيش الحلال، ويسلط الضوء على سيدات الفيوم وهن يقمن بتقشير الجمبرى ليحصلن على مبلغ زهيد، ويأخذن قشر الجمبرى لبيعه، وترى بشرًا من قاع المجتمع يكافحون من أجل العيش، فهو شغوف بقاع المجتمع والمهمشين الذين يعيشون على هامش المجتمع، وعلى هامش الزمن، وكم هى رسالته جميلة لأنها تصنع التعاطف بين المصريين، وتجعلهم يرون بعضهم البعض.

ويسلط محمود سعد الضوء على الصناعات النادرة التى انقرض معظم العاملين فيها، فيتجه إلى منزل يتم فيه صناعة ورق البردى، أو مقابلة حرفى يصنع القاعدة الخرزان على كرسى خشب، والعديد من الصناعات التى تكاد تنقرض، ولا يحملها فى الوطن إلا مجموعة قليلة من الحرفيين، ورسالة محمود سعد هنا تهدف إلى بيان النادر فى الوطن، كما أنه يعرض لمشاهير الصنايعية فى الفسيخ، والسوبيا، والبوظة وغيرها من الصناعات والحرف التى تميز فيها محلات بعينها.

وكان محمود سعد مؤثرًا للغاية حين عرض الأماكن التى توقفت فيها العائلة المقدسة فى مصر، وهو يصف ويشرح بدقة قصة كل مكان وحكايته، والأماكن التى وطئها موسى عليه السلام فى رحلة خروجه من مصر، ومكان آخر يتعلق بيوسف عليه السلام، فتشعرك تلك الحلقات بمدى العمق الدينى لهذا الوطن، هذا العمق الذى يجعل من الدين ركنًا ركينًا فى حياة هذا المجتمع، والمتجذر بالعمق فى تاريخه، إن محمود سعد وهو يصف الحكايات الكامنة خلف أماكن رحلة العائلة المقدسة فى الشرقية والمنيا، والفيوم وغيرها يضفى على الأماكن الصماء معانى حية نجهلها، ويضفى الحيوية على الحجر الجامد.

ومن خلال برنامج محمود سعد الذى يتم بثه على اليوتيوب، وليس التلفاز فقط تجلس فى منزلك على شاشة الهاتف المحمول، لتعرف وطنك بثقافته، وأهله، وأماكنه، وهنا يتضح لك مدى خطورة وأهمية البرنامج الذى يقدم لك رسالة واضحة وهى (اعرف وطنك جيدا)، وعلى الرغم مما يبدو من البرنامج وبعده عما هو سياسى، إلا أنه فى العمق يحمل رسالة سياسية واضحة، وهى حب هذا الوطن بما يحمله من خصوصية شديدة، وتاريخ مجيد، كما أن البرنامج ينمى الشعور بالانتماء لهذا الوطن العريق من خلال عرضه للأماكن والتاريخ العريق، ويعمق الإحساس بالوطنية المصرية الرائدة فى كافة المجالات، ولكن الرسالة السياسية المطروحة فى البرنامج هى رسالة حريرية تعرض بطريقة غير مباشرة مكثفة بالصدق ومليئة بالمعرفة، وليست رسالة مباشرة صادرة عن من يتاجرون بالوطنية، ويتغنون بها بطريقة فجة ومنفرة، وفى النهاية نجد أن بعضهم ليس أمينًا على مقدرات هذا الوطن، ولذا فأنا أدعو كل المصريين إلى معرفة مدى عظمة وثراء هذا الوطن من خلال برنامج باب الخلق لمحمود سعد، فهو رسالة من إعلامى هادف إلى إخوته فى الوطن.