رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تُعرف القوة الناعمة بأنّها القوة التى تجعل الطرف المستخدم لها جذابًا لأطراف دولية أخرى، بحيث يحدث التأثير المطلوب دون الاستخدام المقصود لهذه القوة، وبها تجعل الأطراف الأخرى تريد ما تريده، وترغب فيما ترغب فيه، ومن أبرز أدواتها؛ التعليم والإعلام والفنون والدراما، والمفكرين والكتاب والمثقفين، والتقدم العلمى، والتفوق الرياضى، والقيم الشعبية، والنظام السياسى، ثم علماء الأزهر، فمصر هى التى صاغت عقل ووجدان المنطقة العربية وامتد نفوذها إلى أبعد من ذلك فى إفريقيا وآسيا، والملاحظ خلال السنوات الأخيرة أنّ قوة مصر الناعمة تراجعت خلال السنوات الماضية بعد تدهور حال التعليم، وتراجع أحوال الإعلام والدراما، هل مصر هى العشوائيات، والملاهى الليلية؟ هل خلت مصر من العلماء والمبدعين فى مجالات العلم والثقافة والأدب، حتى نحصر نجوم المجتمع وقدوة الشباب فى الفنانين والراقصات ولاعبى كرة القدم فقط؟!! هل هذا هو الانطباع الذى يريد إعلامنا أن يصدره للعالم عنا؟!! 

وتبرز وسط ذلك كله، المؤسسة العريقة التى يزيد عمرُها على ألف عامٍ «الأزهر الشريف»، الذى ما زال يحاول الاستمرار فى أداء رسالته الدعوية السمحة، وتعليم اللغة العربية، كأعلى هيئة إسلامية سنية فى العالم، حيث ظل الأزهر منذ أن تأسس وحتى يومنا هذا قلعة دينية ومؤسسة إسلامية عالمية ذات تأثير عميق فى المجتمع المصرى والعالم الإسلامى، ورمزًا كبيرًا من رموز وسطية الدين الإسلامى فى مصر ودول العالم الأخرى، ورغم أن الأزهر هيئة محلية لكنه أصبح مؤسسة دولية ورمزًا للعالم الإسلامى مثل الفاتيكان للكاثوليكية، فلم تعد تقتصر جهود الأزهر التعليمية على استقبال الطلاب الوافدين للدراسة بالقاهرة فحسب، بل حرص الأزهر الشريف على المبادرة والذهاب بمناهجه وعلمائه إلى قلب أفريقيا، وذلك من خلال 16 معهدا أزهريا تنتشر فى كل من: الصومال وتنزانيا وجنوب أفريقيا وتشاد ونيجيريا والنيجر وأوغندا، وذلك وفق بروتوكولات تعاون بين مصر وهذه الدول.

أصبحت القوة الناعمة اليوم نمطًا أساسيًا فى كسب الشعوب، فهى دائمًا لها تأثير السحر فى نفوس الجميع، وأيضًا تعزيز سمعة الدولة وصورتها الذهنية ومكانتها على المستويين الإقليمى والعالمى، ويُعول المصريون دائمًا على دور الأزهر الخارجى كأحد أهم مصادر القوة الناعمة المصرية سواءً فى محاولة التسويق لمصر إقليميًا وعالميًا، أو الاعتماد على خريجيه المنتشرين فى العديد من دول العالم، حيث يستقبل الأزهر الشريف نحو أربعين ألف طالب من 120 دولة، منهم نحو 4 آلاف طالب يدرسون بمنح الأزهر، بالمعاهد الأزهرية المختلفة وجامعة الأزهر ومرحلة الدراسات العليا، وقَّدم الأزهر الشريف عبر تاريخه الطويل الممتد لأكثر من ألف عام كل سبل الدعم لشعوب العالم، خاصة فى القارة الأفريقية لما لها من علاقات وجذور تاريخية تربطها بمصر، لنشر اللغة العربية وصحيح الدين الإسلامى، ونشر الفكر الوسطيّ، ومواجهة الأفكار المتطرفة التى تبُثها الجماعات المتشددة، وإحلال السلام والتسامح والتعايش بين مختلف الديانات، كما نجح الأزهر الشريف فى إنهاء الصراعات واتمام عملية المصالحة بين أبناء أفريقيا الوسطى، وإحلال السلام ومساعدة وإغاثة مسلمى أفريقيا، ومازال حتى يومنا هذا يقوم بإرسال القوافل الدعوية والطبية والإغاثية والإنسانية، للتواصل مع شعوب القارة، عبر إيفاد مبعوثيه إلى تلك الدول؛ فنجح الأزهر فى تقديم الدعم والمساندة لمسلمى العالم؛ فلا يُذكر الأزهر فى أى مكان إلا مقترنًا باسم مصر، ويحتل شيخه مكانة مرموقة بين كل الدول، ويحظى بحفاوة استقبال الملوك والرؤساء.

وأخيرًا.. لابد من تحديد الأولويات والاستثمار فى الأزهر الشريف كقوة ناعمة ما زالت باقية لمصر فى الخارج، والتفكير فى كيفية حسن استغلالها محليًا ودوليًا، الاستغلال الأمثل؛ حتى تهيمن مصر بقوتها الناعمة، وتحتل مكانها ومكانتها التى تليق بها وبحضارتها.