عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

قبل أن تجف دماء ضحايا كارثة قطارى سوهاج، سالت دماء جديدة تحت أنقاض عمارة بجسر السويس، لماذا كُتب علينا ألم الفراق، أم كما قال محمد الماغوط: وحدهم الفقراء يستيقظون فى الصباح مبكراً حتى لا يسبقهم إلى العذاب أحد!

دماء كثيرة على فترات روت الأسفلت وقضبان السكك الحديدية وشربتها الحيتان والأسماك المتوحشة فى قاع البحر وتسربت تحت أعمدة العمارات الفاسدة. لكن عزاءنا أن الدولة جادة فى المحاسبة وإدارة الأزمات، ورغم الألم الذى يعتصر القلوب على ضحايا القطارين، فإن التحرك السريع من الدولة خفف آثار الكارثة على الشعب عامة، وأهالى الضحايا والمصابين خاصة.

 بدأ التحرك من الرئيس السيسى الذى وجّه رئاسة الوزراء وكافة الأجهزة المعنية بالتواجد فى موقع الحادث وموافاته بالمعلومات لحظة بلحظة، وشدد الرئيس على توقيع الجزاء الرادع لكل من تسبب فى الحادث الأليم بإهمال أو بفساد أو سواهما وأكد إصرار الدولة على إنهاء مثل هذا النمط من الكوارث.

وكان انتقال النائب العام المستشار حماده الصاوى على رأس فريق من أعضاء النيابة العامة لمباشرة التحقيقات على الطبيعة طمأنة للمواطنين على أن التحقيقات الجنائية لن تهمل أى ثغرة من أجل الوصول إلى الجانى، سواء كان عنصراً بشرياً أو فنياً، وحسناً أغلق النائب العام باب الشائعات حول أسباب الحادث لحين صدور قرار الاتهام الرسمى الذى سيتم إعلانه بعد الانتهاء من التحقيقات، وأصدر بياناً ويشمل كل تفصيلة للوصول إلى نتائج دقيقة.

التحرك السريع من الدولة بكل أجهزتها، قابله تحرك إنسانى واجتماعى من المواطنين الذين كان لهم الدور الرئيسى فى إنقاذ المصابين والتبرع لهم بالدم، ومشاركة أجهزة الإنقاذ الرسمية فى نقلهم إلى المستشفيات، ما يؤكد أن روحًا جديدة دبت فى المجتمع المصرى للتعاون فى السراء والضراء، فقد وجدنا أصحاب الورش يتبرعون بأسطوانات الأكسجين واللحام لنشر وتقطيع العربة المقلوبة لإنقاذ الضحايا، ودشّن الشباب موقعا لدعوة المواطنين للتبرع بالدم، كما انضم عدد كبير من الجمعيات الأهلية إلى رعاية المصابين وأسرهم مما يؤكد نجاح إدارة الأزمة.

التضامن مع مصر فى الحادث من الزعماء والرؤساء والملوك كان أكبر دليل على الاهتمام الدولى بأى أذى يمس مصر وشعبها، بعد أن انهالت برقيات المواساة والتعازى على رئاسة الجمهورية وتأجيل بغداد للقمة العراقية المصرية الأردنية التى كان سيحضرها الرئيس السيسى لوقت آخر مراعاة لشعور أهالى الضحايا والمصابين.

الحادث مروع، لكن هذا هو وضع السكة الحديد المتهالكة منذ عقود، وهناك جهود كبيرة تبذلها الدولة حالياً لتطويرها وأنفقت المليارات على العربات الجديدة والجرارات والإشارات والمزلقانات بهدف الحد من العامل البشرى فى هذا المرفق المهم الذى ينقل آلاف المواطنين يومياً.

عزاؤنا ألا يفلت أحد من العقاب مهما كان منصبه إذا ثبتت مسئوليته عن الكارثة، وإلى جانب الشق الجنائى الذى تتولاه النيابة العامة لا بد أن يسير بالتوازى معه الشق السياسى، أى المحاسبة السياسية ويتولاها مجلس النواب، ولا أرى أى تعارض بين دور مجلس النواب فى بحث المسئولية السياسية، ودور النيابة العامة فى بحث المسئولية الجنائية، والمطلوب من مجلس النواب أن يبدأ المحاسبة من جلسة اليوم، وأن يكون عند المسئول ثقافة الاستقالة عندما يشعر بأنه قصّر فى أداء واجبه، أو حتى دون تقصير لأن الحكومة تتحمل المسئولية السياسية حتى قبل توجيه الاتهام لها من مجلس النواب.

نحن نبنى دولة جديدة، ويعلم الجميع أن مصر تحولت إلى شبه دولة خلال حكم الإخوان، وتسلمتها ثورة 30 يونيو على حافة الانهيار أو على وشك السقوط، وما يحدث من حوادث القطارات وانهيار العمارات وحوادث الطرق هى تراكمات من الماضى، تبذل الدولة حالياً جهودا كبيرة فى تغيير هذا الوضع المتردى من خلال التطوير وإصدار القوانين، والتخلص من ملف العشوائيات، كما تصر الدولة على كشف الفساد والقضاء عليه مهما كان مرتكبوه، وتقوم بإصلاح الطرق عن طريق إنشاء طرق جديدة أو كبارى لتسهيل حركة المرور عليها.

الحوادث تقع فى جميع دول العالم، لكن نحن لا نتحمل ألم الفراق، وفى المقابل لا تتوقف الدولة عن بذل كل الجهود للحفاظ على حق الحياة لجميع المواطنين وتوفير العيش الآمن لهم.