عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

انا لا أتصور أن يكون الموقف الإثيوبى المعاند والمتعنت تجاه مصالح مصر والسودان فى مياه النيل، مجرد مغامرة فردية من جانب إثيوبيا وحدها إلى حد أنها تضع تلك المشكلة هكذا على صفيح ساخن فيما بينها وبين مصر والسودان، فلابد أن تكون هناك دولة أو عدة دول تقف من وراء إثيوبيا وتضغط عليها. ولكن إلى متى ستظل إثيوبيا على هذا العناد فى طريقة ملء السد، دون مراعاة لحقوق مصر والسودان فى مياه النيل؟

مشكلة سد النهضة ليست وليدة اليوم أو الأمس، فلا يخفى على أحد أنه- منذ عام تقريبا- جلست كل من مصر والسودان وإثيوبيا تحت رعاية الرئيس السابق لأمريكا ترامب لبحث تلك المشكلة من أجل الوصول لحل يرضى جميع الأطراف، وقد اتفق الجميع على عدم مبارحة أمريكا إلا بعد التوصل إلى حل يرضى الجميع، وبالفعل تم الاتفاق على طريقة ملء السد إلا أن إثيوبيا فى اللحظات الأخيرة تملصت من هذا الاتفاق ورفضت التوقيع وانصرف الجميع وظلت المشكلة قائمة منذ هذا التاريخ وحتى الآن دون حل.

فى الحقيقة.. فإن هناك محاولات عديدة من أجل إقناع إثيوبيا للوصل إلى طريقة تمكنها من ملء سد النهضة بما لا يضر بمصالح مصر والسودان، إلا أن إثيوبيا- مع الأسف الشديد- تصر على موقفها المتعنت، بل وتدعى أن مياه النيل ملك خالص لها وبأنها حرة فيما تفعل. فهل يا ترى، هذا الموقف المتعنت سببه أن هناك دولًا عديدة قد أسهمت فى بناء هذا السد على رأسها أمريكا والصين وإسرائيل والسعودية والإمارات وقطر، ومن مصلحتها الإسراع فى الملء حتى يجنوا ثمار هذا المشروع من الكهرباء التى سوف ينتجها؟

من هنا يأتى السؤال.. ماذا ستفعل مصر إذا أصرت إثيوبيا على هذا الموقف المتعنت من مسألة ملء السد بتلك الطريقة التى تراها؟ هل ستظل مصر تتفرج على هذا الموقف أم أنها اتخذت الحيطة لنفسها، بإنشاء البدائل لمياه النيل، سواء بتحلية مياه البحر، أم بتنقية مياه الصرف؟ فلابد أن تكون هناك- على كل حال- بدائل سريعة لمواجهة احتياجات الشعب من المياه، فالمشكلة ليست سهلة ومع ضيق الوقت أصبحت المشكلة معقدة للغاية، لا سيما أن اقتصاد مصر والسودان يقوم أساسًا على الزراعة، والزراعة تعنى الماء، وهو ما دفع مصر والسودان إلى الإعلان مرارًا وتكرارًا أن مياه النيل مسألة حياة أو موت بالنسبة لكلا البلدين.

هناك أيضاً سؤال مهم: ماذا يعنى إعلان مصر والسودان أن ملء سد النهضة بالطريقة التى تصر عليها إثيوبيا مسألة حياة أو موت للشعبين؟ هل يعنى هذا إعلان للحرب؟ لقد أشيع سابقًا أن إسرائيل اتفقت مع إثيوبيا على إقامة قبة حديدية لحماية السد تحسبًا لأى أخطار قد يتعرض لها. ولكن فى الحقيقة أن هذا القول لم يتأكد بعد، إلا أنه مما لا شك فيه أن هناك دولًا عديدة تقف وراء إثيوبيا وتساندها فى هذا الموقف المتعنت، بل ربما ستتولى الدفاع عنها إذا ما لزم الأمر، فهى فى الواقع لا تدافع عن إثيوبيا بقدر دفاعها عن مصالحها فى بناء السد.

وعلى كل حال.. أتمنى ألا يحدث ذلك، فإن الحرب إذا ما دارت رحاها فإن كوارثها ستكون وخيمة ومريرة على الجميع، سواء الكوارث البشرية، أم الكوارث الاقتصادية والاجتماعية. وبالتالى، لابد أن يكون لدينا حلول سريعة وقاطعة وألا نترك الأمور للظروف التى ربما لا تأتى بما لا تشتهى السفن. إنه حقًا موقف مؤسف من دولة إثيوبيا الشقيقة، فرغم المحاولات العديد من بعض الدول الأفريقية لإثناء إثيوبيا عن هذا الموقف المتشدد، إلا أنها رفضت كل العروض التى عرضت عليها دون أن تقدم مبررًا مفهومًا لموقفها المتشدد.

حفظ الله مصر وجنبها شرور الحاقدين والكارهين، كما حفظ السودان وشعبها، وجنبنا جميعًا ما قد يصيبنا نتيجة رعونة تصرفات الرئيس الإثيوبى.

وتحيا مصر.