عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مع كل افتتاح لمشروع جديد كثيرا ما يخاطبنا رئيس الدولة بضرورة تحديد النسل لأن الانفجار السكانى يأكل أى جهود للتنمية، كما أن ازدياد النسل يجعل الدولة بإمكانياتها عاجزة عن مسايرة توفير الرعاية لهؤلاء القادمين من الانجاب المستمر، والرئيس محق فى ذلك لأنه يبحث عن جودة الحياة للإنسان المصرى، وتحسين نوعيته، وكان ذلك واضحًا فى قوله «بيعيرونا بفقرنا وأنا مش هاسكت» وفى قول آخر «لقد شربنا من العطش وشبعنا من الجوع»، ومن منطلق الكرامة كان لابد لنا أن نفكر عن حقيقة كلام الرئيس، وأنه كلام مهم، فما جدوى كثرة الانجاب فى مجتمع فقير عاجز عن توفير الضرورى لأبنائه، إن الكثرة هنا غثاء كغثاء السيل لا نباهى بها الأمم، ولكنها عبء على الدولة، وعبء على المجتمع.

إن دعوة القيادة السياسية إلى تقييد عملية الانجاب دعوة مهمة لصالح تحسين الحياة وجودتها فى مصر، ولكن ماذا نفعل مع الإعلام الكسيح الذى يشوه دعوة القيادة السياسية؟ والذى يتجه إلى مخاطبة الناس، بلغة استعلائية، كما فعل تامر أمين، حين وجه كلامه إلى الأخوة الصعايدة جارحًا كرامتهم، وعاجزًا عن عرض مشكلة اجتماعية، ومشوهًا لدعوة القيادة السياسية بضرورة معالجة مشكلة الانفجار السكانية.

إن الإعلام الكسيح يشوه عرض قضايا المجتمع، وينفر الناس منه حين يخاطبهم بلغة آمرة مستعلية، وكأنه فوق الشعب، وأنه يملك الوصاية عليه، فضلا عن تقديم من يمثل هذا الإعلام أنفسهم بوصفهم يعبرون عن السلطة لا عن الشعب، فى حين أن الشعب هو متلقى الخطاب، والشعب لا ينصت إلا لمن يعبرون عن همومه ومشاكله، كما أنهم يشوهون أداء السلطة فى الدولة المصرية حين يعجزون عن التعبير عن انجازاتها، ويعجزون أيضًا عن التعبير عن اخفاقاتها، فصار رموز الإعلام التليفزيونى محل سخرية من الناس على فضاء الإنترنت، وأصبح الناس يعبرون عن أوجاعهم فى فضاء الإنترنت، وأصبحت السلطة تقيس اتجاهات الرأى العام من هذا الفضاء فى ظل عجز الإعلام.

إن الدولة القوية يلزمها إعلام قوى يعبر عن انجازات السلطة ويقدمها ليس بمنطق الطبل، ولكن بمنطق عائدات وإنجازات كل مشروع على الشعب والدولة معًا، ولهذا فالإعلام المحترف يملك القوة فى تقديم انجازات السلطة بصورة أقوى، والتعبير عن آلام الشعب وهمومه بصورة تجعل من الإعلام قوة للدولة وصوتًا للشعب بدلًا من أن يصبح مسار سخرية من الناس.

ونأتى إلى دعوة القيادة السياسية فنقول بأن إرادة السلطة نحو التغيير لا تأتى بطريقة آمرة أو بطريقة فوقية موظفة فى ذلك أجهزة الدولة ومؤسساتها الإعلامية فى كل القضايا، وفى كل حين وعدم الوعى بطبيعة الاختلاف فى القضايا المطروحة فمتى أشار الرئيس إلى قضية ملحة تجد الإعلام يذيع، والأوقاف تصدع، وتنزل القرارات من فوق دون الإحساس بمدى قبول الشعب للقرارات أو للقوانين.

وعلى ذلك فلابد أن يبدأ النقاش حول قضية الانفجار السكانى مجتمعيًا، وفى الدوائر والمؤسسات ومخاطبة الناس من خلال الجامعات، وفى المدارس، وأن يكون هناك نقاش من القاعدة حول كل الآثار السلبية للزيادة السكانية على النسل، وعلى توفير التعليم والصحة، والمسكن، والرعاية للقادمين الجدد فى ظل عجز الدولة عن توفير الرعاية للمواطنين الذين يزيدون عن مائة مليون مواطن لأن النقاش الاجتماعي–بإرادة عامة–لابد أن يكون وجودة فى النهاية نتيجة اتفاق جماعى لتقييد حركة النسل فى المجتمع حتى نرتقى بجودة الحياة والإنسان على ضفاف النيل.

إن الشعب الذى يرفض جرح كرامته لابد أن يكون صادقًا مع نفسه فى مواجهة مشكلاته، والدولة لابد أن تقول للشعب بأنها ستكون غير ملزمة لتوفير الدعم للأسرة التى تتجاوز إنجاب أكثر من فردين، فالفرد الثالث لا ينبغى أن يكون له أى دعم تقدمه الحكومة لباقى أبناء الشعب، إن مناقشة مشاكل المجتمع من القاعدة لا من الرأس سيجعل قرارات السلطة فى مصر أكثر قوة من طرح القرارات والقوانين من فوق دون نقاش مجتمعى، فهل نتعلم بأن ما يخص الناس ينبغى أن يخرج من القاعدة لا من القمة، حتى لا يتم التراجع عنه؟.