عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

فى مسارات مختلفة يسعى رئيس الجمهورية إلى إنجاز مشاريع فى كافة المجالات، وعلى مستوى الأصعدة مختلفة، وكان نزول الرئيس والوزارة إلى عزبة الهجانة دليلًا واضحًا على اهتمام الدولة بفئات المهمشين فى المجتمع، وحين عرض التلفاز محيط وشكل عزبة الهجانة، دار فى ذهنى كيف أسس هؤلاء الفقراء هذه الكتلة الخرسانية المشوهة الفاقدة لأى حسن إنسانى، ودع عنك الحس الجمالى، إن الإنسان الذى يعيش فى مثل هذه الأماكن العشوائية لا يبغى سوى ستر جسده بين أربعة جدران، يعانى الفقر والفاقة، ولهذا فحين تحاول الدولة تطوير هذه العشوائية، وإعادة قدر من الوجه الحضارى والإنسانى لمثل هذه الأماكن، فإن هذا الجهد الذى تبذله الدولة لا يكفى لكى يحافظ الناس على ما تنجزه.

إن الأمر يدفع إلى ضرورة إجراء تنمية وتطوير فى الذهنية العشوائية التى أنتجت، ومازالت تنتج هذه الأماكن فى شتى بقاع مصر، فالسعى نحو الارتقاء بجودة الحياة لابد أن يرافقه تطوير وتنمية الوعى والذوق الإنسانى، ولا ينبغى أن نضع على كاهل الدولة كل شيء، فنحن شركاء فى الوطن، ومن هنا لابد أن يصاحب تطوير الدولة للعمران قيام مؤسساتنا المدنية والتعليمية والإعلامية والدينية بدور واع فى الارتقاء بالوعى لدى قاطنى هذه الأماكن، فى محو الأمية، وتنمية الوعى بالمواطنة، وضرورة الحفاظ على ملكياتهم العامة، والحفاظ على ما تبنيه الدولة من مشاريع هى لهم، وأن تقوم مراكز الأبحاث الاجتماعية بدراسة هذه الأماكن دراسة صادقة، لكى تطرح على صانعى القرار طبيعة المشكلات الموجودة فى هذه الأماكن، وأن تكون الثقة متبادلة بين صانعى القرار ومراكز الأبحاث، وذلك من خلال الإيمان بوحدة الهدف وهو الارتقاء بالوطن فى كافة المجالات، فيكون الصدق والأمانة هما الراسخين فيما يَقدم من مراكز الأبحاث حول طبيعة هذه العشوائيات.

لا يكفى أن نصرف المليارات لكى نطور واقع العمران لذهنيات عشوائية، ولا أن نحاول أن نضفى التنظيم على العشوائيات، ولا أن نخفف القبح بقدر من الجمال، فكل ذلك إنما هو معالجة ضرورية لأعراض مرض أصيل، وهذا المرض الأساسى هو فى الذهنية العشوائية التى تشكلت تحت واقع الفقر والعوز الممتد، ونحن فى حاجة إلى التطوير والتغيير والارتقاء فى الوعى والذوق والإحساس والتفكير، وبدون ذلك سوف نهدر المليارات فى مشاريع وستعاود الذهنية العشوائية ممارسة أفعالها وسوف تشوه المشاريع التى تم الصرف عليها، ولن يتم المحافظة على كل ما تنجزه الدولة كل يوم فى كافة المجالات العمرانية.

لن نقول البشر قبل الحجر، ولكن البشر مع الحجر، فالحجر من حقوق البشر، وكل ما يرتقى بالبشر هو من حقوقهم، على أن يتوازى توجهات الإصلاح فى كافة المجالات بحالة من الوعى الإنسانى التى تواكب ما تقوم به الدولة من أجلهم، وأن ذلك مسئولية الجميع، فطريق الإصلاح ممتد وطويل، وأن علينا أن نعى بأن السلطة الحالية قد ورثت إرثًا ثقيلًا، ومشاكل لامتناهية، ومخاطر خارجية وداخلية معًا، وأن هناك العديد من الملفات قد حققت فيها نجاحًا باهرًا فى الطاقة والطرق والغذاء، ومازالت تسير فى ملفات أخرى بدأب واضح.

إن معركة الوعى لابد أن تصاحب معركة البناء والتعمير، فكلما ارتقى الإنسان بوعيه وعلمه ومعرفته ارتقى فى كافة المجالات العمرانية والمادية، ولكن مهما أسسنا من إصلاح فى معركة العمران والبناء، والتنمية لا محال لن يعمر طويلًا مع سيادة الذهنية العشوائية، فالوعى بالإصلاح لابد أن يسبق أو يصاحب طريق الإصلاح.