رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

قضيت 50 عامًا على منصة القضاء، أصدرت خلالها عشرات الألوف من الأحكام، وأرسيت فيها مئات من المبادئ، وكنت من خلالها أشفق على الموظف العام، وأسارع إلى إلغاء الأحكام إذا رأيت فيها عقوبة بالغة القسوة، لم يكن هدفى توقيع العقوبة بقدر كشف العيوب فى الجهاز الإدارى والتوصية بإصلاحه.

لكن يبدو أن الإسراف فى الشفقة جعل الموظف يستهين بواجبات وظيفته ما هدد النظام الإدارى بالانهيار.

والدليل أن أحد المواطنين فوجئ بصدور قرار من إحدى اللجان العقارية تصدر قرارًا بقبول تنازله لأحد الأشخاص عن قطعة أرض يملكها، كان قد تقدم بطلب للعدول عن هذا التنازل، ووقّع معه المتنازل إليه والذى أصدر أيضًا لصالحه توكيلًا غير قابل للإلغاء - ويسرى على ورثته من بعده - وكّله فيه بالمثول عنه أمام الجهاز للإقرار بهذا العدول.

وتقدم المواطن بشكوى إلى نائب رئيس هيئة المجتمعات، الذى أحالها إلى رئيس الجهاز، وأحالها بدوره إلى الشئون القانونية، التى ارتأت المادة العرض على اللجنة العقارية للعدول عن قرارها محل الشكوى، واعتمد رئيس الجهاز هذا الرأى، وعرضه على اللجنة العقارية التى أوصت بإجماع الآراء بالعدول عن القرار، ومخاطبة الهيئة وإدارة الشئون القانونية لاستكمال الإجراءات.

ووافق قطاع الشئون العقارية، وقطاع الشئون القانونية على هذه التوصية، وطلبا من رئيس الجهاز استكمال الإجراءات فى ضوء التفويض الصادر إليه، إلا أن الكتاب الوارد من القطاع القانونى والمذيّل بتوقيع نائب رئيس هيئة قضايا الدولة - المشرف العام على الإدارة القانونية - لم يجد قبولًا لدى أحد المهندسين العاملين فى هذا الجهاز، فطلب إبداء الرأى فى صحته!!

وأعدت الإدارة القانونية مذكرة اشارت فيها إلى صحة هذا الرأى، وأنه الرأى السابق صدوره منها، والذى اعتمده رئيس الجهاز، والذى وافقت عليه اللجنة العقارية من قبل، فطلب المهندس اعداد مذكرة أخرى بالتعقيب على تلك المذكرة برأى قاطع وحاسم، حيث إن هذا الرأى الذى أبداه نائب رئيس هيئة قضايا الدولة هو رأى القانون، والهيئة التى يتبعها، هى التى أناط بها الدستور الإشراف على الادارات القانونية بالوزارة والهيئات، وأنه لا يجوز التعقيب على ما تبديه من آراء، لا سيما إذا كان المبدى الرأى غير دارس للقانون، ولا علم له به!.

المهم انعقدت اللجنة العقارية لاستبدال التوصية بقرار، وهى مشكلة من (9) أعضاء وافق (7) منهم على العدول، وامتنع المهندس عن الموافقة، فرضخ رئيس الجهاز ورفض اعتماد محضر اجتماع اللجنة!!

والمقرر قانونًا أن انعقاد اللجنة، لا يكون صحيحًا إلا بحضور أغلبية الأعضاء، وقاراتها تصدر بالأغلبية المطلة، وتشكيلها يتم من اعضاء ذوى خبرات متباينة، وبالتالى يتولى كل متخصص الجانب الذى يخصه، واعمالًا لذلك انعقدت اللجنة بالاجماع، وأصدرت قرارها بالأغلبية، ورفض الموافقة عضو واحد اعترض لأمر لا يعرفه، ولا يدخل فى اختصاصه، وتدخله فيه اساءة للسلطة القضائية بكاملها وامتنع رئيس الجهاز عن اعتماد محضر هذه اللجنة، متناسيًا أن سلطته فى هذا الشأن سلطة مقيدة، وأن واجبه احترام رأى الأغلبية، إلا أن معاليه خالف الدستور والقانون واحد على امتناعه.

والأغرب أن عضو اللجنة طلب من موظيفه إعادة صياغة الصحفة الأولى من محضر اجتماع اللجنة، وسرى ردود الإدارة القانونية، التى تلقاها بعد انعقاد اللجنة، متناسيًا عن عمد أن ذلك الفعل لا يشكل مخالفة إدارية، بل يشكل أيضًا جريمة جنائية، هى جريمة التزوير فى أوراق رسمية وجريمة استعمال محرر مزور مع علمه بتزويره.

اننى أضع هذه المهزلة أمام معالى الدكتور عاصم الجزار وزير الاسكان، وأنا واثق بأنه سيقول للقانون عفوًا، سيأمر بإظهار قرار اللجنة للعلن احترامًا للدستور والقانون.