رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استمعت فى الأيام الماضية إلى حديث شائق بأحد برامج التليفزيون المصرى، بين مجموعة من كبار السياسيين، ودار هذا الحديث حول المؤشرات الأولية للسياسة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بعد انتقال السلطة فى الانتخابات الأخيرة من الحزب الجمهورى إلى الحزب الديمقراطى، فأصبح الرئيس الأمريكى هو مرشح الحزب الديمقراطى «بايدن» الذى كان يتولى منصب النائب الأول للرئيس أوباما طوال فترة حكمه.

وللحق فقد كان حديثا شائقا للغاية لكل من يهتم بالشأن العام. وعلى كل حال، فإننى على قناعة تامة بما سبق وأعلنه السياسى المخضر، السير ونستون تشرشل رئيس وزراء انجلترا فى الفترة من عام 1940 حتى عام 1945، حيث قال -وبحق- إنه «فى السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم ولكن هناك مصالح دائمة » فالعلاقات بين الدول تقوم اساسا على المصلحة. وعلى ذلك، فان أمريكا فى علاقاتها مع أى دولة اخرى تسعى لتحقيق مصالحها. والعكس صحيح، فإن أى دولة مهما صغرت أو كبرت تسعى لتحقيق مصالحها فى تعاملها مع أمريكا.

إذن.. فالمسألة أولا وأخيرًا تقوم على المصالح المشتركة بين الدول ومدى إمكانية تحقيق هذه المصالح. فأمريكا فى اعتقادى لا يعنيها فى منطقة الشرق الأوسط إلا أمرين، الأول أن تظل إسرائيل هى قوة الردع فى منطقة الشرق الأوسط من أجل حماية المصالح الامريكية ومصالح الغرب، أما الأمر الثانى فهو بترول العرب، فأمريكا يهمها -فى المقام الأول- أن تحصل على نصيبها -وربما أكثر- من بترول العرب، وعلى ذلك فإن أمريكا تتمسك بإسرائيل باعتبار أنها هى الحارس الأمين للمصالح الأمريكية ومصالح دول الغرب فى المنطقة.

وللحقيقة.. فإن امريكا لا تريد إثارة أى حرب فى منطقة الشرق الاوسط، بل إنها تسعى للحصول على نصيبها فى ثروات المنطقة، وهى تسعى لفرض نوع من التفوق العسكرى لإسرائيل على دول المنطقة، باعتبار أن إسرائيل هى الحارس الأمين لمصالحها ومصالح دول الغرب. وفى المقابل فإن إيران تتعمد تهديد إسرائيل كوسيلة للضغط على أمريكا حتى يكون لها نصيب فى تلك الغنيمة، فالمسألة أولا وأخيرا تدور حول مصلحة كل دولة. فأمريكا تسعى لتحقيق مصالحها بالحد من القدرة الإيرانية، وإيران تحاول فرض أجندتها عن طريق تهديد إسرائيل.

من هنا.. يمكننا الجزم بأن ما نشهده من توتر فى العلاقات الأمريكية الايرانية، يرجع إلى أن إيران -من وجهة النظر الامريكية- هى الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تستطيع تهديد إسرائيل ومن ثم المصالح الامريكية فى المنطقة، فإيران تعتبر نقطة هامة بالنسبة لأمريكا ليس فقط لكونها تريد صنع القنبلة الذرية، ولكن حتى لا تهدد المصالح الامريكية فى المنطقة، فكل ما يقال تارة حول رغبة أمريكا فى التفاهم مع إيران، وتارة اخرى الوقوف ضدها، يرجع إلى ما تمثله إيران من تهديد إسرائيل ومن ثم المصالح الامريكية فى المنطقة.

إننى أتوقع أن السياسة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط -وأيا كان الحزب الحاكم، سواء من الجمهوريين ام الديمقراطيين- سوف تتجه فى الفترة المقبلة للتركيز على ما تمثله إيران من تهديد للمصالح الامريكية، باعتبار أن إيران هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تستطيع الوقوف فى مواجهة إسرائيل. ومن ثم ستكون المهمة الأولى للإدارة الامريكية الجديدة هى الضغط تارة على إيران، وتارة أخرى التفاهم معها، حتى لا تتمكن من صنع القنبلة الذرية مستقبلا، وتظل إسرائيل الدولة الوحيدة فى المنطقة التى لها هذا الامتياز.

أما ما تتشدق به أمريكا من إهدار حقوق الانسان وعدم تطبيق الديمقراطية فى منطقة الشرق الأوسط، ففى تقديري- ما هو الا وسيلة ترهيب لدول المنطقة أو أى دولة أخرى لتحقيق مصالحها، خاصة وأنه لا توجد دولة فى العالم تطبق مبادئ حقوق الانسان والديمقراطية طبقا للمواثيق العالمية. فعلى سبيل المثال، هاهى العنصرية تسود فى أمريكا التى تتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان، فهناك فارق كبير فى التعامل بين الامريكان البيض والسود، بل أكثر من ذلك فاليمين المتطرف هناك لا يقبل الامريكى المتجنس ويميل للأمريكان الأصليين.

خلاصة القول.. فإن ما تدعيه أمريكا من أنها الحامية لحقوق الانسان ما هو إلا شماعة تسعى عن طريقها لتحقيق مصالحها فى المنطقة، تارة باستخدام قوة القانون وتارة أخرى باستخدام قانون القوة، فالعالم الآن تحكمه المصالح، فقد قالها السياسى المخضر ونستون تشرشل منذ عشرات السنين «فى السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم ولكن هناك مصالح دائمة».

وتحيا مصر.