رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

 

 

العُرى للإنسان كشف عورة، لكنه للحقائق غاية الشرف. أن تفتح بابًا مُغلقا لتدلف، أن تكشف سرا مخبوءا، أن تُعيد رسم واقع تعرض لتشوية وتزييف، أن تمحو افتراء ألصق ظُلما بأحد، وأن تكتب جديدا جديدا يستحق الكتابة، ثُم يستحق القراءة من آخرين، وبالتالى يستحق الفهم. تلك مُتعة المُتع، ومجد القلم، فمثل هذا العطاء يسربل أردية الوقار على صاحبه، ويستحق أن يوصف بعمل حسن له ثواب جزل فى دار البقاء.

 

من هُنا تُبهرنى لفتات الكشف، وإرهاصات الفتح فى كثير من الكتابات الحديثة لتستبشر النفس بتدوينات لافتة تحمل جديدا وتُضيف للقارئ علما على علم، وفهما فوق فهم. أؤمن ككاتب أن الجمال نافع، وباق، ولا يحتمل تذبذب آراء أو تردد أفكار. فالجميل جميل لأنه أضاف، والحسن حسن لأنه أبهر، واللافت لافت لأنه قدم جديدًا.

من هنا أشكر أقلاما خطت معاني جميلة، ومبدعين قدموا حكايات جديدة، وباحثين أضافوا وكشفوا وبدلوا تصورات مُسبقة بما كتبوه وقدموه لنا من كُتب كانت محل قراءة خلال عام العزلة والوحشة، المنصرم بقلقه وأوجاعه.

أستتذكر حكايات لذيذة قدمها المبدع الصديق عمر طاهر فى كتاب رائق لافت حمَل عنوانا استفهاميا جذابا هو « مَن علّم عبد الناصر شرب السجائر؟» لأستبشر بتكنيك سردى جذاب شديد العذوبة والإمتاع فى إعادة قراءة مشاهد التاريخ الحديث بعين مختلفة أخاذة.

أفتخر بكشف خيرى حسن المبهر ومثابرته المُنصفة لاثبات حق الشاعر الراحل زكى عمر فى كتاب «مدد ياصاحب المدد» ليكشف بعد رحيله بردح من الزمن أنه المؤلف الحقيقى لرائعة «شدى حيلك يا بلد».

أقف برضا لمشروع ابداعى بحثى خلاب يمتزج فيه السرد بوقائع التاريخ لأستعيد قراءة ما غيّر حياتنا وحياة أجيال عدة يوم 23 يوليو سنة 1952 فى العمل الملحمى الرائع « كل الشهور يوليو» للمبدع المُشاغب إبراهيم عيسى. أقف مأخوذا بجمال اللغة وسحر القراءة الحيادية للتاريخ فى طرح يُصر على الإنحياز للحقيقة مهما تكن فى كتاب من أجمل ما نفحتنا به سنة الجائحة.

سعدت أيضا كثيرا بكتاب الرائع محمد أبو الغار عن الوباء الذى قتل مئة وثمانين ألف مصري، والذى يعيد اكتشاف جائحة الإنفلونزا الإسبانية وما تركته على مصر فى عامى 1918 و1919، وهو ما كان محل إعادة اكتشاف بالنسبة لقراء التاريخ رغم مرور قرن من الزمن.

أمتعتنى مذكرات جودة عبد الخالق، والمعنونة «من الميدان إلى الديوان» عن فترة وجوده وزيرا فى المرحلة الإنتقالية وفى عهد الإخوان وما حكاه بصدق وعفوية عن خبايا وأسرار العمل الوزاري. كما سعدت بحكاية مصرى مع إسرائيل للراحل العظيم إبراهيم البحراوي، وما قدمته من كشوفات مثيرة لعالم متمرس فى مجال الإسرائيليات.

سحرتنى أيضا كتب فكرية مبهرة مثل «تراث الاستعلاء» للدكتور سعيد المصري، وكتاب «سلام» للمبدع أحمد عبد المجيد، الذى أضفى صوفية روحية غريبة على نفسى وبدد رياح القلق، وكتاب «خريدة القاهرة» لحامد محمد حامد، فضلا عن كتاب « المتن المجهول لمحمود درويش فى مصر» لسيد محمود، وسيرة الضمير المصرى لإيهاب الملاح.

كما أمتعتنى أعمال روائية فارقة فى لغتها وتكنيكها وموضوعها كان على رأسها رواية «اللوكاندة» للمبدع الكبير ناصر عراق، «مستعمرة الجذام» لفتحى إمبابي، «لوكاندة بئر الوطاويط» لأحمد مراد، «ورثة آل شيخ» لأحمد القرملاوي، « شلة ليبون» لهشام الخشن، و» القداس الأخير» لولاء كمال.

وتبقى القراءة نعمة غالية، أجدها مُسكنًا لأوجاع الروح، ومُهدئا لقلق العالم المتلاطم بفجائعه وبشاعاته. إنه منجة المنح من صاحب الأمر الأول فى القرآن: اقرأ.

والله أعلم.

[email protected]