عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

عرفنا أجيالا كثيرة من المحافظين عملوا فى صمت، ودون دعاية تتحدث عنهم سوى ما أنجزوه من مشروعات، فى زمن لم يكن المحمول قد ظهر بعد، وكان أقصى ما يفعله أى محافظ أو مسئول أن يصطحب معه مصورًا يلتقط له عددًا محدودًا من الصور الفوتوغرافية حتى لا يُتهم بإهدار المال العام فى شراء الأفلام وتحميضها وطباعة صورها. لم يكن بمقدور أى مسئول فى ذلك الوقت أن يصور كل لقاءاته وتحركاته، لأن الصورة كان لها ثمن.

فى زمن «الديجيتال» اختلف الوضع، لم تعد هناك أفلام «أبيض وأسود» أو ألوان يتم شراؤها، ولم تعد الوزارة أو المحافظة فى حاجة إلى تعاقد مع معمل لتحميض الأفلام وطباعتها، أو شراء معمل يتكلف ملايين الجنيهات. التقاط الصور يتم حاليا بلا حدود، وبلا مصاريف تُذكر، ويتم إرسالها على الموبايلات الخاصة بالصحفيين وعلى جروبات «الواتس آب» ببلاش.

لقد انفتح السقف مع ظهور الموبايلات الحديثة، وأصبح المسئول يسير فى موكب تحوطه عشرات الموبايلات التى توثق خطواته، وترصد مشاعره، وتحلل أنفاسه.

أصبح هناك ولع شديد لدى كثير من المحافظين بالتقاط آلاف الصور يوميًا: وسط أكوام القمامة، وفوق الأرصفة، وداخل مواقف الميكروباص، وعلى الكورنيش.. وفى كل مكان تطؤه أقدامهم.

حسنًا أن يستفيد المحافظون من التكنولوجيا الحديثة.. ولكن يبقى أن يدركوا أن تقييم القيادة السياسية لهم لن يكون بكم ما يلتقطه المصورون لهم. الفيصل فى الحكم بالنجاح من عدمه هو بقدر ما يحققه من إنجاز يشعر به المواطن، وما يتركه من بصمات فى الشارع.

وفى خضم هذا «الهوس التصويرى» يحرص البعض على «اللقطة».. وإظهار نفسه فى صورة الرجل «الجدع» و«الحمش» الذى لا يقبل بالحال المايل، حتى وإن دفعه ذلك إلى ارتكاب أفعال يعاقب عليها القانون مثل توجيه الاتهامات لمرؤوسيه أمام الكاميرات، دون أن يكلف نفسه عناء سماع أحوالهم والظروف التى يعملون بها. فوجدنا محافظًا يدخل فى «وصلة ردح» لمجرد أنه دخل الحملة الميكانيكية فوجد بعض الآلات القديمة، ولأن سيادته رجل «زيرو» فى الإدارة فإنه لم يدرك أن التخلص من هذه الماكينات القديمة بعد «تكهينها» يستلزم سلسلة من الإجراءات القانونية حتى لا يقع موظفوه تحت طائلة القانون.

القائمة تطول بعشرات المواقف التى يحاول فيها البعض تسجيل «موقف» أمام الكاميرات، فتتلقفه مواقع التواصل الاجتماعى، ويطوف البلاد بطولها وعرضها.. وفى خضم هذا «الشو الفسيبوكى» تسقط الكثير من المبادئ، حين يتورط البعض فى جرائم سب وقذف يعاقب عليها القانون، لأنه حتى وإن أخطأ الموظف، فعقابه لا يكون بإهانته أمام الكاميرات، بل باتخاذ الإجراء القانونى بعد تحقيق محايد ونزيه.. ومن ذلك مع فعله محافظ الدقهلية مؤخرًا مع مديرة مدرسة عمر مكرم التى وصفها بأنها «فاشلة».. والكلمة موثقة بالصوت والصورة، ولا مجال لأن يتنصل منها المحافظ بقوله إنه لم يكن يقصد، وإن ما انصرفت إليه نيته هو حديثه عن أدائها وليس شخصها. هذا الفعل يندرج تحت وصف السب العلنى، بسبب موقع حدوث الواقعة «المدرسة» وهى مكان عام بطبيعته، فضلا عن أنه تم تسجيلها وبثها على مواقع التواصل الاجتماعى، وهى بحكم القانون تمنح النشر صفة العلانية. ولو أن ما فعله المحافظ ارتكبه أحد المواطنين لاتهمناه بالتعدى على موظف عام أثناء تأدية عمله، والمحافظ كان يجب أن يكون قدوة فى احترام قيمة المعلم، والسلبيات لا تعالج بهذه الطريقة. ثم ألم يسأل المحافظ نفسه: كيف سيكون أثر هذا الفيديو على أسرة هذه المديرة وبين زملائها وهم يرونها تُهان بهذه الطريقة؟ والأخطر: كيف نطالب أولياء الأمور والمواطنين باحترام المعلمين، وهم يرون أكبر مسئول إدارى بالمحافظة يفعل ذلك؟

إنها تساؤلات أطرحها بكل حب لهذا البلد وحرص على مستقبله التعليمى، وأتمنى أن يبادر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى برد اعتبار المديرة، ورد قيم كثيرة أهدرها محافظ من زمن «الديجيتال».

[email protected]