رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

ذات يوم تقابلت مع أحد المتشددين فكريا، ودار بينى وبينه الحديث، عما إذا كان الدين (أى دين) هو المعاملة، أم أنه مجرد فرائض وعبادات؟

بدأ السائل حديثه بقوله إن الدين معاملات وعبادات، فقلت–بالقطع–أنا أعلم أن الدين عبادات، ولكن–فى تقديرى–إن الله سبحانه أنزل الفرائض والعبادات لإصلاح وتهذيب الانسان، حتى يكون إنسانا نافعا لنفسه وللمجتمع. فرد قائلا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى الحديث القدسى عن رب العزة (قال تعالى: كلُّ عملِ ابن آدمَ له إلا الصيام، فإنه لى وأنا أجزى به)، فقلت له إن هذا الحديث فيه إشارة لحكمة الصوم كوسيلة لتهذيب وتقويم الانسان، فإن الله سبحانه وحده الذى يستطيع التفرقة بين الانسان الصائم وغير الصائم، ولهذا فرض سبحانه الصوم حتى يكون درسا يتعلم منه الإنسان الصدق فى معاملاته مع الآخرين.

فرد قائلا: هذا الكلام لا خلاف فيه. ولكن، على الانسان المسلم ان يؤدى الفرائض التى فرضها الله سبحانه وتعالى والا كان كافرا ودخل النار. فقلت متعجبا: معنى هذا أن اى انسان مسلم لا يؤدى الفرائض يعتبر كافرًا، فما بالنا اذن، بالذين لا دين لهم–كالبوذية وغيرهم الكثير – مثل هؤلاء منهم من يؤدى اعمالا جليلة تخدم البشرية، فى مجال الطب والتكنولوجيا والمعرفة وباقى مناحى الحياة ؟ فقال:هؤلاء لهم الدنيا ولنا الآخرة، فسألته: ولماذا لا يكون لنا الدنيا والآخرة معا؟ ننجح فى الحياة وفى ذات الوقت ندخل الجنة، فالله سبحانه المطلع على ما فى القلوب وهو الذى سوف يقول القول الفصل، إن كان الانسان سينعم بالجنة أم سيحق عليه العذاب الاليم.

وهنا توقفت عن الحديث متعجبا من صاحب هذا الفكر المتشدد، ثم جلت بخاطرى اتذكر قول رسولنا الكريم فى الحديث الشريف حين قال عليه الصلاة والسلام (دَخَلَت امْرَأَةٌ النَّارَ فِى هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ )، كما قال (بَيْنمَا رَجُلٌ يَمْشِى بطَريقٍ اشْتَدَّ علَيْهِ الْعَطشُ، فَوجد بِئرًا فَنزَلَ فِيهَا فَشَربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإِذا كلْبٌ يلهثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِنَ العطشِ مِثْلَ الَّذِى كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّى، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَملأَ خُفَّه مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَه بِفيهِ، حتَّى رقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَه فَغَفَرَ لَه).

وبعد برهة، عاودته الحديث قائلا – فى تقديري– إن الدين المعاملة، هكذا أخبرنا الرسول الكريم، حيث قال (رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى). ولكن، هناك–مع الاسف الشديد – من يتصور أن الفرائض مقدمة على أى شيء فى الحياة الدنيا، فهم يظنون أن اداء الفرائض (من صلاة وصيام وزكاة وحج) هى وحدها التى ستدخل الانسان الجنة. مثل هؤلاء لا يعيرون وزنًا لتعاملاتهم مع الاخرين، وكأنهم قد نسوا أو تناسوا أن الله سبحانه خلف الانسان من أجل عمارة الأرض وازدهارها. الله أعلم!!!

هذا المقال اجتهاد شخصى منى، وجلّ من لا يخطئ، والله سبحانه وتعالى هو الغفور الرحيم، وهو العالم ببواطن الأمور.

وتحيا مصر.