رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عملية «التقويم الفيروسية» للسلوك الذكورى الموروث من جينات طيب الذكر «سى السيد» متواصلة.

ثبت منزليا أن الفيروس تأديب وتهذيب وإصلاح المعوج, مع انهيار «سبع البرمبة» فى معركة البقاء للأقوى، النساء يبدين مقاومة للعدوى أكثر بكثير من «الشوارب» اللى يقف عليها الصقر.

تحويل مسار إجبارى، خلال العقدين الأخيرين كانت الرجال استأسدت على النساء، ومع المد السلفى الغارق حتى أذنيه فى بحار الجنس العميقة، تفرعن الفراعنة المحدثون على «الجنس اللطيف»، وخرجت مظاهرات نسوية على خجل تهتف رفقا بالقوارِير (جمع قارورة)، ويرمز بها للنسوة فى «الهودج» الذى تحول إلى «حرملك»، ما لبث أن تطور إلى «نقاب».

كانت العلاقات الزوجية فى البيوت المصرية تنقصها العدالة الإنسانية، ولا تقومها القوانين الشرعية أو الوضعية، انطلاقا من حديث شاع فهمه بالخطأ منسوب للمصطفى صلى الله عليه وسلم، يوصى بالنساء خيرا.. «استوصوا بالنساء خيرًا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما فى الضلع أعلاه» نسوا وصية الرسول الكريم بالنساء خيرًا، وتشبسوا فى الضلع الأعوج، وهذا اعوجاج مموج فى الفهم.

وشاع مثل شعبى عنيف المعنى يقول «اكسر للبنت ضلع يطلع لها أربعة وعشرين»، وكأن الرجل مكلف باستعدال طبيعة المرأة ع البارد ببروده أو ع الساخن بشخطه وبزعيقه.. أو بيده أو بلسانه وهذا فى أضعف الأحوال.

فى وصف الحال (قبل الجائحة) ما يغنى عن السؤال عن وضع المرأة فى المجتمعات الشعبوية، وفى المناجاة، علمك بحالى يغنى عن سؤالى.

الست المصرية سليلة نفرتيتى وحتشبسوت، وبنت البيوتات، وست الستات، فى حجر قسرى، مؤبد، أعمال منزلية شاقة، قابعة يا حبة عينى كالأسيرة فى قعر البيت تطبخ وتكنس وتطبطب وتدلع وتحمى وتلبس، وسبع الليل وآخره، هاجر البيت، طافش، داير على دير الناحية، متربع كربعة على القهوة على الناصية (ع القمة) يشد أنفاس الشيشة، وماسك سيرة بسنانه الصفراء من أثر المعسل.

كانوا يلوكون القوامة الذكورية باعتبارها جنسية، ويستعلون بالفحولة، ويتزوجون كثيرا، ويرمون الطلاق على طول الذراع، وساعدتهم الطبيعة بزيادة معدلات إنجاب البنات، وعاد القوم يعددون فى استباحة تفسيرية خاطئة تماما للآية الكريمة: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فإن خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكَتْ إيمانكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا»، (النساء-3)، نسوا العدل الذى هو أساس المعادلة الزوجية الربانية، والسكن والرحمة، «وَمِنْ آيَاتِهِ أن خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إليها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إن فِى ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم-٢١).

واستسهلوا التعدد، وساعدتهم نسوة من بطون السلفية على التعدد باعتباره أرحم من العنوسة، التى لونت المشهد بذكورية فاقع دونها.

فأصابتهم الجائحة فأعادت التوازن البيولوجى المفقود، «البنت زى الولد، مش كمالة عدد» و«الست بمقام الرجل»، والقوامة معنوية وليست واقعية، والمطبخ يسع الجميع، وغسيل الصحون فى المطبخ أرحم من نشر الغسيل فى البلكونة، أقله فى الخفاء.

ما يحدث للرجال فى ظل الجائحة جد خطير، استعدال على البارد والساخن وفى كل درجات الحرارة، الصلب تحول إلى مطاوع، يسمع الكلام، ويجلس فى غرفة المعيشة يتفرج على «الحموات الفاتنات» ويترحم على حماته، وحموات السامعين، وتجتاحه نوبة «نوستالجيا» عاتية، إذ فجأة يعود إلى عوالم الأبيض والأسود، ويحن لفوازير الثلاثى، وأفلام فريد شوقى ملك الترسو، والعيال كبرت، ورجع الباشا يجلس فى الصالون المذهب بالجلابية الفضفاضة يسمع «ثومة»، ويدندن مع فريد الأطرش «لحن الوفاء»، ويتنسم صوت فيروز:

«نسم علينا الهوا من مفرق الوادى.. يا هوا دخل الهوا خدنى على بلادى» يقصد قعدة القهوة.

سياسة الحجر المنزلى المطبقة مصريا ورطت الشنبات فى شئون منزلية غاية فى الحساسية، لأول مرة يسلق بيض، ويخرط بصل، ويبحث مع العيال فى الأبحاث، المحزن أنه يعامل منزليا كجمل جربان، يستقبلونه برشه بالمطهرات قبل أن يخطو خطوة، ويستحمى حذر الفيروس قبل الأكل وبعده، حتى «المفعوص» كل شوية يباغته برشة كحول فى عينيه على سبيل الدعابة البريئة، فيكتم فى نفسه كمدا.. ويبكى أيامه الخوالى!