رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

كان توفيق الحكيم معروفا بأنه عدو المرأة والفقر والمرض ثم أصبح عدوا للفقر والمرض ليس إلا! ولأنه يخشى البرد فقد كنت أسمع عنه أنه دائما يحكم اغلاق النوافذ والأبواب ولا يعرض أى جزء من جسمه للهواء حتى فى أشهر القيظ الشديد ولأنه كان يخشى من الفقر فقد حكى لى زملاؤه عندما كنت أتردد على جريدة الأهرام أنه دائما يحكم إغلاق جيوبه على ما فيها من دفاتر شيكات أو بوالص تأمين وعلى ما فيها من محفظة نقود وأن كانت هذه المحفظة خالية من النقود .

ذهبت إليه وأنا طالب بالحقوق لأخذ حديث معه لأنشره فى جريدة وطنى فى الستينيات فذكر لى أنه برغم شدة حذره من المرض يمرض كثيرا وبرغم خوفه من الفقر ما زال فقيرا وسألنى ما رأيك؟ قلت له هناك حكمة تقول الناس من خوف الفقر فى فقر ومن خوف المرض فى مرض فلا تخشى المرض تنج منه واذا انت لم تخش الفقر تصبح غنيا فضحك وقال قصدك أصبح غنى النفس هذا الغنى موجود سواء كان المال موجودا أم غير موجود.

وسألته عما يتردد فى ذلك الوقت من انقطاعه عن السهر وقد اعتاد أن يسهر مع زملائه الكتاب فى كل اسبوع ثم انقطع عن السهر فقال أنه اصبح لا يسهر إلا فى النهار حتى لا يتعرض للبرد. وقد قضيت مع هذا الكاتب الكبير أكثر من ثلاث ساعات تحدثت فيها عن آثاره الفنية وأبديت له اعجابى بكتبه وأن كتابه زهرة العمر يرسم ملامح عبقريته ويلقى الضوء على أصولها ويحلل كل قطرة دم ونبضة عرق وخلجة نفس والتفاتة ذهن توفيق الحكيم الفنان.

ووافقنى على هذا الرأى وأخذ يحلل كتبه وقصصه ومسرحياته فرفع بعضها الى القمة وألقى ببعضها فى الهاوية وقال أن مصيبته الكبرى أن ما يعجب الناس لا يعجبه.

واقترحت على الكاتب الكبير أن يكتب دراسة عن اثار توفيق الحكيم فيتناولها بالنقد والملاحظة والهجوم وستكون هذه الدراسة عملا أدبيا ضخما ولكن توفيق الحكيم لم يتحمس للاقتراح واكتفى بأن هز رأسه وقال أقترح ذلك على يحيى حقى أو نجيب محفوظ فقلت هل اقترح عليهما أن يؤلف كل منهما كتابا فى نقد توفيق الحكيم؟

فابتسم بصوت مسموع وقال اقترح عليهما أن يؤلف كل منهما كتابًا فى تحليل آثاره هو فنقرأ يحيى حقى بقلم يحيى حقى ونجيب محفوظ بقلم نجيب محفوظ .

ومات توفيق الحكيم وبقيت ذكريات صحفى تحت التدريب.