لماذا نتشاءم؟ ولماذا نتفاءل؟ هناك من يذهب إلى أن التشاؤم والتفاؤل لقطات مختلفة لمعنى واحد هو الوهم فالمتفائل إنسان يرى ضوءا غير موجود والمتشائم إنسان يحاول إطفاء ذلك الضوء غير الموجود. وهذا كلام مريح ولكنه ليس الحقيقة فنحن فى حياتنا نتشاءم من ناس وأيام وأرقام وشوارع ونتفاءل بناس وأيام وأرقام وشوارع.
وقد حاولت عبثًا أن أتحرر من هذا الوهم أو هذه الحقيقة وما زلت إلى اليوم اتشاءم من شارع رستم فى مدينة حلوان ففى الوقت الذى أسير فيه يموت واحد من أقاربى وفى حياتى أشخاص إذا رأيتهم واجهت يوما ضاحكا وأشخاص إذا رأيتهم واجهت يوما عبوسا.
وحتى هذه اللحظة وأنا أكره يوم الأربعاء وقد ورثت عن أبى كراهية ذلك اليوم فقد كانت النكبات لا تحل عليه إلا فى ذلك اليوم. وحاولت عبثا أن أتحرر من هذا الوهم أو هذه الحقيقة وما زلت إلى اليوم اتشاءم من يوم الأربعاء ولا أسير فى شارع رستم وأعمل مليون حساب ليوم الأربعاء.
الأسبوع الماضى كنت فى مدينة حلوان وكانت سيارة أجرة تطوف على أرجاء هذه المدينة وطلبت من السائق أن يتوجه إلى أحد المستشفيات لأزور صديقا مريضا لم أعلم بمرضه إلا فى ذلك اليوم. كانت شوارع المدينة مزدحمة وكانت شوارعها مغلقة ولم يتمكن السائق من الوصول إلى المستشفى إلا عن طريق السير فى هذا الشارع المشئوم وذهبت إلى المستشفى فعلمت أن الصديق غادرها.
وقررت أن أذهب فى اليوم التالى إلى صديقى فى منزله لأطمئن عليه إلا أننى فى المساء تلقيت خبر وفاته وذهبت إلى دار الفقيد لأؤدى واجب العزاء فلم أجد أحدا فى الدار وسألت الجيران عن المأتم وقيل لى أنه سيقام فى بلدته بمحافظة سوهاج.
وطلبت من السائق أن ينطلق إلى بيتى فى حدائق الأهرام كنت فى حاجة إلى هواء طلق ولما اقتربنا من نهاية شارع الهرم اشرت إلى السائق أن ينتظر أمام كارفور وهناك اشتريت بعض الحاجات وذهبت لأدفع الحساب فلم أجد حافظة نقودى. وتركت احتياجاتى وخرجت فقد اكتشفت أن اليوم هو الأربعاء!
هذه الواقعة كانت يمكن أن تقع لى دون أن يكون حدوثها يوم الأربعاء ولكن لم تقع إلا فى ذلك اليوم المشئوم، إن المنطق يهزأ من المتفائلين والمتشائمين ولكن هل نحن نسير فى حياتنا بالمنطق؟ إننا نقف ونتحرك ونعيش بهواجس نفسية وقد نستطيع أن نسيطر أحيانا على هواجسنا ولكن الهواجس تعود وتسيطر علينا فى اكثر الأحيان.