رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هذه الدنيا

لدى يقين راسخ بأن الصورة لا تكتمل إلا برؤية نصفى الكوب.. الممتلئ والفارغ فى آن واحد. منطق «نصف الكوب الفارغ» يعبر عن رؤية تشاؤمية تعكس وجهة نظر أحادية غير دقيقة ترى الصورة من زاوية واحدة فقط، بينما الحقيقة تتمثل فى أنه طالما هناك نصف «فارغ» فمن المؤكد أيضًا أن هناك نصفا آخر «ممتلئا» يجب أن يؤخذ فى الاعتبار.

كشفت أزمة كورونا عما أصاب العالم من قلق بالغ، حدود تُغلق، وملوك ورؤساء حكومات ووزراء يتم وضعهم قيد التحفظ والحجر الصحى حماية لهم ولأسرهم من انتشار الإصابة بالفيروس اللعين.. واتهامات تتطاير من الصين صوب أمريكا وجيشها بأنها هى من قامت بـ«تخليق» هذا الفيروس لضرب اقتصادها رغم عدم ثبوت صحة ذلك حتى الآن بدليل أن أمريكا نفسها ليست بمنأى عن هجمة كورونا التى خصصت لها مبلغ 50 مليار دولار لمكافحة انتشارها، فضلا عن إعلان الرئيس الأمريكى ترامب حالة الطوارئ الوطنية على خلفية تفشى الفيروس.

غير أن هذه الأزمة بكل ما كشفت عنه من «محنة» كبيرة يواجهها العالم.. والله وحده أعلم بما ستصل إليه.. حملت فى جانب منها «منحة» يجب أن نتوقف أمامها بالتحليل المتأنى هنا فى مصر.

أظهرت الأزمة أن الدولة المصرية تمتلك رؤية احترافية فى مجال إدارة الأزمات، وهذا علم كبير وفن تسانده الخبرة، وهو ما لمسناه من خلال تعامل كافة أجهزة الدولة فى أعلى مستوياتها مع هذه القضية الحساسة، إذ وجدنا خطابًا سياسيًا متزنًا ومرنًا يقدر حجم المشكلة ويتعامل معها فى الإطار الصحيح دون أن يقلل منها ودون أن يتورط فى نشر الذعر والهلع غير المبرر.. وأعتقد أن قرار الرئيس السيسى بتعليق الدراسة فى المدارس والجامعات لمدة أسبوعين وتخصيص مبلغ 100 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة للتعامل مع ما يستجد ويطرأ فى هذه القضية يعد قراءة دقيقة لحجم الأزمة دون تهوين أو تهويل.

إنه بفضل هذه الأزمة تخلص المصريون من كثير من العادات الضارة مثل عادة التقبيل بلا أى مبرر، فكثيرًا ما كنت تجد من يقابلك كل يوم .. وهات با بوس وبالأحضان.. وللأسف كان الكثيرون يفعلون ذلك رغم ما يعانونه من أعراض برد وأنفلونزا، ودون أن يأبه أى منهم بأنه بهذا السلوك غير الصحى ينقل لك ما به من أمراض، والعكس صحيح حيث يمكن أن يلتقط عدوى بلا أى مبرر.. ومن أسف أن المرء كان يُتهم - ظلمًا - بالتعالى إذا حاول أن ينصح الناس بالكف عن هذه العادة الناقلة للأمراض.. الحمد لله أننا وصلنا إلى قناعة معقولة ومقبولة بأن نكون مثل باقى خلق الله الذين يصافحون بعضهم بعضًا بطريقة طبيعية، علمًا بأن عادة التقبيل بين الرجال هذه لا وجود لها إلا فى مصر، وتنظر الكثير من الشعوب الأوروبية والغربية لها على أنها سلوك «معيب».

ويتسق مع ذلك أنه بفضل هذه الأزمة ارتفع مستوى الوعى الصحى لدى الناس بضرورة الحرص على النظافة الشخصية وخاصة نظافة اليدين، وهو أمر كان مهملًا خلال الفترة الماضية. كثير من الناس كانوا يهملون غسيل أيديهم بعد الخروج من الحمامات، أو بعد تناول الطعام.. لقد ثبت للجميع أن النظافة الشخصية هى البداية الحقيقية للوقاية من أى عدوى ميكروبية.. والوقاية خير من العلاج.. واليوم ينتشر استخدام المنظفات فى مختلف الدواوين الحكومية والأماكن العامة مع الحرص على توفير سوائل تنظيف اليدين.. وأرى أن هذه سلوكيات إيجابية فرضتها علينا أزمة كورونا.. التى هى فى الأساس «محنة» ولكنها تحمل فى طياتها «منحة» للتخلص من كثير من السلوكيات الضارة.. والمهم أن يستمر الوعى لكى يصبح سلوكًا عامًا لا يتقيد بأزمة ولا يرتبط بخطر.

[email protected]