رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لا تلعن الدنيا وتتهمها بالغدر والخيانة وعدم الاستقرار فهي تعطي الناس وتسرف في العطاء وهي لا تدير ظهرها وهي تعطيك أكثر مما تأخذ منك، ولا تماطل في دفع ثمن ما تأخذه منك، فإذا منحتها قلبك فتحت لك أبواب الحظ، فإذا أخذت منك شبابك أعطتك تجربة تريح أعصابك وتحقق لك في لحظة ما كان يكلفك أياما طويلة من شبابك وإذا اختطفت صحتك، منحتك الإيمان بالله، بالناس وإذا سلبتك صديقا عوضتك عنه بمعارف يتحولون على مر الأيام إلى أصدقاء.

 ففي ذات ليلة دق جرس التليفون في بيت رجل محترم يعرف الله ودعاه محدثه الى مأدبة افطار دعا اليها البعض من معارفه ولما انتهت المأدبة أحس بالعرق يتصبب من علي جبينه والألم يمزق صدره، وفي المستشفى نصحوه بالسفر إلى كليفلاند وغادر الرجل بلده وأجرى الجراحة المطلوبة وفور مغادرته غرفة العناية رن جرس التليفون في غرفته طلب المتحدث منه أن يعود فورا فهناك شكوى مقدمة ضده والمحقق يستعجل حضوره.

دعاه الرجل إلى بلده وقبل أن يتم شفاؤه وصعد إلى غرفة المحقق. وجده رجل قصير القامة ممتلئ الجسم يصطنع أناقة زائفة كان خالعا حذاءه ممسكا بسيجارته يرشف قهوته في هدوء مصطنع. سأله لقد سألوك عن الطبيعة القانونية لجامعة أجنبية فأشرت إليهم بأنها جامعة خاصة لا تخضع للقوانين ولا اللوائح المصرية. فأجابه بالإيجاب وشرح الرجل للمحقق الأسانيد القانونية والأحكام القضائية التي استند اليها فطلب منه الانتظار أياما فقد يطلبه لإعادة سماع أقواله.

كان ذلك في وقت خلا فيه الجو للإخوان حين طغوا وبغوا وأشهروا سيوفهم، حين تبدت شراستهم المستبدة وعقليتهم المغلقة التي تنكر الآخر، ورأي الآخر. هذا الآخر يدين بالمسيحية والوزير إخواني أصيل كانت خطته أخونة هذه الجامعة ضمن الجامعات التي يريد أخونتها، لكن فتوى الرجل كانت حجر عثرة في طريقه.

واهتم الوزير بالامر وسخر رجاله للنيل من تلك الفتوى ومن كاتبها. كان الوزير يتخيل أن الدولة باتت دينية تفرق بين المواطنين على أساس الدين وأن المسلم وحده هو الذي يحتكر الحقيقة وأنه يتمايز عن المسيحي باليقين وأرهبوا الرجل فكرا ثم هددوه بالسيف والقنبلة والمدفع. وشكل الوزير عدة لجان غطاها بستار الدين وجاءت فتواهم في إطار قانون زائف تسفه من فتوى ذلك الرجل.

كان الوزير في انتظار رد من رئاسة صاحب الرأي يقولون إن رأيه مخالف للدستور والقانون ولا يصح الاعتداد به وسخر الوزير مجلة شنت هجوما عنيفا على الرجل واهتم المحقق بالامر فقد كانت رغبته أن يقدم خدمة للوزير الإخواني. كان طامعا أن يتقلد كرسيا في أول تشكيل وزاري وكتب المحقق مذكرة سفه فيها رأي زميله وانتهى الى عدم الاعتداد بفتواه وأرسل فتواه الى رئاسته للاعتماد.

وفجأة تقوم الثورة ويهرب الوزير إلى خارج البلاد وتكف المجلة التي قادت حملة ضد الرجل عن الصدور ويرتدي المحقق حذاءه ويقف مندهشا عندما يقرأ ذلك القانون الذي أصدرته الثورة بأن الجامعة جامعة ذات طبيعة خاصة لا تخضع لا للقوانين ولا اللوائح المصرية ويقف المحقق مرتعشا وهو يتلقي عشرات الأحكام ببراءة كل من احالهم للمحاكمة من كارهي النظام!

أما ذلك الآخر فكان محبا لله كان واثقا أن الدنيا إذا كانت سببا في دموعه فإنها ستقدم له المنديل الذي سيجفف دموعه وأنها ستخلق المناسبات التي تحول دموعه إلى ضحكات.

لهذا أحب الدنيا وتمسك بها وحمد الله على اللحظات التي يعيش فيها، فهي دنيا حلوة خفيفة الظل.. فقد كان واثقا من عدالة السماء، كان واثقا أن لكل ظالم نهاية وأن الله مع المظلومين.