رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما بين الحين والآخر تطفو على السطح أقاويل حول رفض أمريكا لجماعة الاخوان المسلمين، ولكن كل هذه الاقاويل والحكايات للاستهلاك الإعلامى فقط؛ فعلاقة الإخوان والأمريكان ليست وليدة وصول الإخوان للحكم فى مصر، ولكنها منذ الخمسينيات، وهذا ما أكدته دراسة أعدها أليكس إدواردز المتخصص فى السياسة الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط، وبراين جيبسون مؤلف كتاب «العلاقة السرية: الخارجية الأمريكية، السياسة والاستخبارات والحرب بين إيران والعراق، 1980-1988»، وكلاهما يعد لدرجة الدكتوراه من كلية لندن للاقتصاد. الدراسة عنوانها: «تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة، وتحديدا جهاز مخابراتها الـCIA، وجماعة الإخوان المسلمين منذ الخمسينيات وحتى الآن».

وخلصت الدراسة التى نُشرت على النسخة الإنجليزية من موقع «المجلة» إلى أن «السى آى إيه» كانت على اتصال مباشر بجماعة الإخوان فى فترتين فقط؛ الأولى فى بداية الخمسينيات، والثانية أثناء الغزو السوفيتى لأفغانستان، أما أثناء حكم مبارك فقد تجنب الأمريكان الاتصال المباشر بالجماعة خوفا على مصالحهم فى المنطقة، وعلى رأسها اتفاقية السلام مع إسرائيل، واكتفى الأمريكان الحريصون على عدم إغضاب حليفهم المخلص مبارك بالاتصال بأعضاء الجماعة بصفتهم أعضاء برلمان أو رؤساء نقابات مهنية وليس بصفتهم أعضاء فى جماعة محظورة. وسلطت الدراسة الضوء بشكل خاص على سعيد رمضان (1926 - 1995) زوج ابنة الشيخ حسن البنا الذى عمل مسئول اتصال بين الجماعة والإدارة الأمريكية فى بداية الخمسينيات. وتقدر الدراسة أن معارضة الجماعة لاتفاقيات السلام مع إسرائيل وزيارة الرئيس السادات للقدس، كانت نقطة تحول فى نظرة أمريكا للإخوان؛ فباتت تعتبرهم عائقا لمصالحها وعبئا على حلفائها. وتؤكد الدراسة، التى ترصد تاريخ علاقة الجماعة بالولايات المتحدة بداية من عام 1952، أن أدلة مختلفة تشير إلى أن الولايات المتحدة اتصلت بشكل دورى بقيادات الإخوان منذ بداية الخمسينيات، وقت أن كانت إدارة الرئيس أيزنهاور تسعى إلى كسب ود وصداقة القوى السياسية المختلفة فى المنطقة العربية ومنها الإخوان. وفى عام 1953، زار وفد علماء مسلمين من دول مختلفة الولايات المتحدة، كما دعوا وقتها لحضور ندوة عن الثقافة الإسلامية نظمتها جامعة برنستون، وكان بينهم سعيد رمضان، أحد قيادات الرعيل الأول للجماعة، وزوج ابنة الإمام حسن البنا، والسكرتير الشخصى له، ووالد طارق رمضان.

وبعد انتهاء الندوة اختار مسئولون فى البيت الأبيض 15 شخصا من هؤلاء العلماء لدعوتهم لزيارة البيت الأبيض، ومقابلة الرئيس الأمريكى دوايت ديفيد أيزنهاور فى 23 سبتمبر من عام 1953. لكن وثيقة سرية أمريكية، وقعت فى يد صحفى التحقيقات الأمريكى روبرت دريفوس مؤلف كتاب «لعبة الشيطان: كيف أطلقت أمريكا الأصولية الإسلامية؟»، كشفت أن هدف الزيارة الحقيقى كان حرص واشنطن على التعاون مع أشخاص من أصحاب النفوذ فى تشكيل الرأى العام فى البلاد الإسلامية فى قطاعات مختلفة مثل التعليم والعلم والقانون والفلسفة، وهو ما سيعزز بشكل غير مباشر النفوذ السياسى للولايات المتحدة فى المنطقة، ويدعمها فى حربها ضد المعسكر الشيوعى بقيادة الاتحاد السوفيتى؛ فى هذه الفترة كانت مناهضة الشيوعية هى المحرك الأساسى للسياسة الأمريكية، وهو هدف مشترك مع الإخوان. يقول الصحفى الأمريكى الشهير إين جونسون فى كتابه «مسجد فى ميونخ»، الذى رصد فيه الاتصالات المبكرة بين الجماعة والولايات المتحدة: «يبدو أن الهدف الحقيقى من الدعوة كان التعرف على مدى استعداد الإسلاميين -ومنهم الإخوان- لدعم واشنطن فى صراعها مع موسكو الشيوعية». كانت الولايات المتحدة فى هذه الفترة تنظر إلى الإسلام باعتباره قوة اعتدال إيجابية قادرة على ردع الشيوعية، ولذلك لم يكن غريبا أن يدعو مسئولون فى الإدارة الأمريكية سعيد رمضان مع آخرين إلى زيارة البيت الأبيض ولقاء أيزنهاور.

 وبعد تدهور العلاقات بين الإخوان وعبدالناصر عقب محاولة اغتياله فى ميدان المنشية عام 1954، فر رمضان هاربا من مصر إلى سويسرا؛ حيث أسس «مركز جنيف الإسلامى»، ثم انتقل رمضان لألمانيا الغربية، لكن ظل نشاطه مجهولا حتى يوليو من عام 1995 عندما كتب إين جونسون مقالا فى وول ستريت جورنال؛ كشف فيه عن أن الإخوان أجروا ترتيبات عمل مع أجهزة المخابرات الأمريكية، وأن وثائق ألمانية أكدت أن الولايات المتحدة أقنعت الأردن أن تصدر جواز سفر دبلوماسيا لسعيد رمضان، وأن الجانب الأمريكى كان يتكفل بنفقاته، وأظهر مقال جونسون أن رمضان كان «عميل معلومات» لكل من البريطانيين والأمريكان، بعد أن وجد فى الأرشيف السويسرى ما يؤكد ذلك. وأكد جونسون أن أدلة تورط رمضان مع المخابرات الأمريكية «تبخرت»، عقب رفض ألمانيا الغربية فى ديسمبر 1963 السماح له بالمشاركة فى حملة دعائية ضد الاتحاد السوفيتى، تحت إشراف وكالة الاستخبارات الأمريكية.