رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ولدتنى أمى فى الأربعينيات فى أحلى مدينة من مدن القاهرة

 هى مدينة حلوان تلك المدينة التى بنيت على هضبة ترتفع فوق سطح نهر النيل حوالى 30 مترا وكانت فى الأصل مدينة فرعونية، وجد فيها أقدم سد مائى عرفه التاريخ، فى عصر ما قبل الأسرات، واندثرت تلك المدينة عبر العصور، ثم أحياها عبدالعزيز بن مروان والى مصر، وقد اكتشفها الوالى حين خرج من الفسطاط عاصمة البلاد وقتها متجهاً الى الجنوب، فأعجبته المدينة فاتخذها عاصمة مؤقتة للولاية، وأنشأ فيها الدور والقصور، وغرس فيها  الأشجار، الى أن توفى الى رحمة الله، وبقى فيها ابنه عمر بن عبدالعزيز أمير المؤمنين.

وحكى لى أبى رحمه الله أن الطاعون وقع فى مصر فقرر عبدالعزيز السكنى فيها، فجعل فيها الحرس والأعوان، وبنى فيها المدن والمساجد، وعمرها أعظم عمارة، وغرس الأشجار والنخيل فى كل شبر فيها، ولما أصاب الجرب بعض الجنود استشار الخديو عباس أحد أساتذة الطب فى الجامعة، فنصحهم بالاستحمام بمياه حلوان الكبريتية، وعلى الفور أصدر الخديو أمره ببناء خزان للمياه، وألحق به بعض الغرف، وأرسل الى المكان هؤلاء الجنود الذين شفوا تماماً.

وفى عهد الملك فاروق أمر بتحويل فندق الحياة الى مصحة فؤاد الأول، وفى سنة 1917 أنشأ ذو الفقار باشا الحديقة اليابانية، وفى سنة 1920 اشترى الملك فاروق كازينو سان جيوفانى وحوله الى ركن فاروق وفى سنة 1939 انفجرت أكبر عين للمياه الطبيعية فى مدينة حلوان وسميت من هذا الوقت عين حلوان، وفى سنة 1934 أصدر الملك فؤاد قراراً بنقل متحف الشمع الذى أسسه فؤاد عبدالملك ليكون على  مقربة من عين حلوان وفى هذا المتحف شاهدت فى طفولتى نماذج مجسمة تجسد سائر الطقوس الشعبية، وجوانب من تاريخ مصر،

وسطا المقاولون عليها، هدموا قصورها وفيلاتها، وحولوها الى كتل خرسانية بلا روح وبلا حياة ثم وجدت فيها العشوائيات، فهذا حى المثلث وذاك مكان سكان الزلزال، وأصبحت البلطجة والجريمة مظهرا من مظاهر الحياة فى حلوان.

هدمت العيون الكبريتية، وخربت المتاحف، وهدمت القصور، ومات البهوات والبشوات، وماتت حلوان، أصبحت مدينة التلوث والعشوائيات، زرت حلوان منذ أيام منذ أن تركتها منذ أكثر من «30» عاماً.

وسالت دموعى حزناً على هذه المدينة التى أغلق الباعة أهم شوارعها، اننى أطالب وزير التنمية المحلية وهو رجل شرطة من أكفأ الرجال، أطالب وزير الداخلية، ومحافظ القاهرة، والقائم بأعمال حى حلوان أن يعيدوا فتح شارع البورصة الذى يبدأ من شارع منصور وينتهى فى شارع حيدر بعد أن أغلقه الباعة الجائلون، وأصبح مرتعا للمجرمين، أطالبهم بتطهير حلوان من العشوائيات، أطالبهم بأن يعيدوا الروح الى مدينة حلوان، أن يعيدوا الى شعبها الابتسامة.

أريد أن أرى قبل أن ألتقي برب كريم مدينة حلوان، التى تربيت فيها وقضيت فيها طفولتى وصباى، أريد أن أرى حلوان مدينة الاستشفاء.