رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

 

 

قد تتفق الاضطرابات العراقية واللبنانية من حيث الشكل، لكنها تختلف تماما من حيث المضمون. فالبادى بالنسبة للاضطرابات فى العراق أنها ناشئة نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية هناك، فى حين أنها فى الحقيقة نشأت بسبب الخلافات الطائفية، والعكس صحيح بالنسبة للاضطرابات اللبنانية، فإن كان ظاهرها خلافات طائفية، إلا أنها نشأت فى الحقيقة نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية هناك.

الاضطرابات فى العراق فى البداية كانت بين الميليشيات الشيعية التابعة لإيران والشيعة العراقية، وبين بعض الطوائف الأخرى مثل الأكراد والسنة المتشددة كإخوان الشياطين والدواعش وبقايا تنظيم القاعدة التى زرعها الاستعمار الأمريكى مؤخرا فى العراق، جميع تلك الطوائف تريد أن يكون لها دور فى إدارة البلاد، وكل منها يريد السيطرة ولو على جزء كبداية لفرض السيطرة التامة على العراق كلها. فالخلافات فى العراق فى الأساس، خلافات طائفية ولا شأن لها بالحياة الاقتصادية كما يدعى البعض هناك.

أما عن لبنان فالوضع مختلف تماما، فإن كان الوضع فى لبنان يظهر وكأنه خلاف طائفى بين الطوائف المختلفة للشعب اللبنانى، إنما حقيقة الاضطرابات فى لبنان أنها نشأت نتيجة تردى الأوضاع الاقتصادية فى البلاد، ومعاناة اللبنانيين بسبب ارتفاع الأسعار. فرغم أن المجتمع اللبنانى يتكون من طوائف عديدة منها السنة والشيعة والمارونية والمسيحية والدروز وغيرهم، إلا أن جميع الطوائف الآن متفقون على ضرورة إنهاء خلافاتهم العرقية والطائفية، والاتجاه نحو الإصلاح الاقتصادى، فالاضطرابات اللبنانية سببها الحقيقى تردى الأوضاع الاقتصادية فى البلاد، ولا شأن لها بالخلافات العرقية والطائفية.

الشىء اللافت للنظر أن الثائرين من اللبنانيين، خرجوا جميعا من أجل المطالبة بحكومة تكنوقراط تواجه المشاكل الاقتصادية التى تمر بها البلاد، رغم أن الدستور فى لبنان ينص على أن يكون الرئيس مسيحيا، ورئيس الوزراء مسلما، وأن يكون لكل طائفة تمثيل بالحكومة. ورغم ذلك خرج الشعب اللبنانى كله للمطالبة بنبذ الطائفية، والتى كانت السبب الرئيسى لتردى الاوضاع الاقتصادية فى البلاد.

فغنى عن البيان، أن لبنان مؤخرا ظلت لأكثر من عام أو عامين بلا حكومة بسبب الخلافات الطائفية، فكل طائفة كانت تريد أن يكون لها تمثيل لائق فى الحكومة، وكان من الصعب على رئيس الوزراء تشكيل الوزارة، إلى أن وفقه الله اخيرا لتشكيل الحكومة الحالية.

وللحق، فإن المشكلة سواء فى العراق أم فى لبنان فى غاية التعقيد، فكل طائفة من الطوائف الموجودة هناك تسعى للسيطرة على البلاد، وفى نفس الوقت تخشى من نشوب الحرب الأهلية والصدام بين الطوائف المختلفة فى البلاد. هذا الأمر واضح تماما فى للعراق، فالطائفة الشيعية هناك تسعى للسيطرة ولو على الجزء الجنوبى، حتى تعطى الفرصة لإيران لفرض نفوذها على جنوب العراق، وبالتالى يسهل عليها الوثوب على الكويت وباقى دول الخليج. أما لبنان فالوضع فيها مختلف، فقد طفح كيل الشعب من الخلافات الطائفية، وهم الآن يبحثون عن أى وسيلة تبعدهم عن نظام الحكم الطائفى، والاتحاد فيما بينهم لمواجهة الوضع الاقتصادى المتردى.

ولو دققنا النظر، فسنجد أن الخلاف الحالى، سواء فى العراق أم لبنان، ليس بعيدًا عن الخلاف الدائر فى سوريا، وفى ليبيا، وفى اليمن، فجميعها قامت بإيعاز من الدول الغربية تنفيذا لمخططهم المسموم المعروف بالشرق الأوسط الجديد القائم على تفتيت وتقسيم المنطقة العربية، لصالح اسرائيل وبعض الدول الغربية التى تسعى للاستيلاء على خيرات المنطقة. هذا بالفعل لما حدث سواء فى ليبيا أم فى سوريا أم فى اليمن، فقد تقاسمتها الدول المتواجدة هناك. فالمسألة أولا وأخيرا، سموم بثت فى منطقتنا العربية من الدول الغربية تنفيذا لمخططهم المسموم، فالمسألة ما هي إلا مصالح للدول الكبرى، الكل يسعى إلى ابتلاع أى جزء من منطقتنا العربية.

أعتقد أن الأحداث الجارية فى سوريا والعراق ولبنان، سيتبعها اضطرابات أخرى، ستبدأ من تونس، ثم الجزيرة العربية، إذا استطاعت إيران وضع قدمها فى جنوب العراق، فهى أيضا تسعى بلا شك للسيطرة على الكويت، أملا فى فرض سطوتها على باقى دول الخليج. ومن ناحية أخرى، فإن تركيا مازال رئيسها يحلم أن يكون خليفة للمسلمين، فقد استطاع السيطرة على جزء من سوريا ويسعى إلى السيطرة على جزء من العراق، ويتمنى لو استطاع الوصول لباقى الدول الأخرى لتحقيق حلمه الكبير كخليفة للمسلمين.

ولولا جيش مصر الجسور، وقائده البطل، الذى تنبأ ومن الوهلة الأولى للمخطط الغربى المسموم، واستطاع وأد الفتنة فى مهدها، والابتعاد بمصرنا العزيزة عن تلك الفوضى المرسومة لها. حفظ الله مصر ووفق رئيسها لكل ما فيه الخير لمصر وشعبها.

وتحيا مصر.