عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مراجعات

خلال خمسة عشر يومًا مرَّت سريعًا من الشهر الفضيل، يمكننا ملاحظة اندثار المعالم الرمضانية الأصيلة، التى تآكلت مع أحوال اقتصادية بائسة، وسلبيات لا تتناسب مع روحانية وفلسفة شهر العبادة.

أصبحت أهم طقوس ومعالم «رمضان» فى السنوات الأخيرة، برامج «سخيفة» ومسلسلات تليفزيونية «هابطة»، تحاصرنا بـ«انحطاطها»، وإعلانات «مستفزة»، تُكرِّس «الطبقية» بين الناس!

لكن.. ما يثير «القرف»، هو تزايد وتفشى ظاهرة التسول على نطاق واسع بشكل غير مسبوق حتى أصبحت عند الكثيرين «منهاج حياة»، وباتت الأيادى الممدودة «عادة» و«مهنة»، لا يخجلون من «احترافها»!

بات من المستحيل أن تجد مكانًا خاليًا من المتسولين المنتشرين حولك فى الشوارع وعند محطات المترو، و«المطبات» وإشارات المرور ومناطق تكدس وازدحام السيارات، إضافة إلى الأسواق والمقاهى ومكاتب البريد والبنوك وماكينات السحب الآلي، وعند أبواب المساجد.. وحتى المقابر!

أينما تُوَلِّى وجهك، يحاصرك المتنطعون المتسولون «من الجنسين ومختلف الفئات العمرية، بكافة أنواع وأشكال الإعاقات»، لتعطيهم وتُحسن إليهم، حتى أنك قد تجدهم يحتقرونك بنظرات مستهزئة أو يتمتمون بكلمات مهينة، إذا لم تمنحهم صدقة معتبرة!

للأسف، بعدما كانت تلك الظاهرة محدودة ومقصورة على بعض الفئات فقط، أصبح يمتهنها الرجال وفحول الشباب، الذين يمارسون هذا «النشاط»، باغتنامهم شهر الرحمة الذى يُكثِر فيه الناس من العبادات، بما فيها الصدقات والزكوات.

خلال شهر رمضان تجد أبواب المساجد «عامرة»، ومداخل الأسواق والمحال التجارية، والمستشفيات «محجوزة» من المتسولين، حيث تلين القلوب وتكون أكثر سخاءً من الأشهر الأخرى، بعباراتهم التى تهز القلوب، من خلال ملابس رثَّة لا تغطى إعاقات ظاهرة، وأحيانًا بأطفالهم الرضع «المستأجَرين» الذين يحملونهم!

هذا «الحصار» قد يُجبر الإنسان على التصدق، بعد وابل الأدعية وعبارات الاستعطاف والترجي، رغم اقتناعنا بأن أحد الأسباب الرئيسية لانتشار تلك الظاهرة، هو أن المتسول لم يعد لديه مانع من التضحية بكرامته وعرضه وشرفه مقابل هذه المهنة، لارتفاع دخله منها!

من خلال استفحال هذه الظاهرة «البغيضة» يصعب التمييز بين المتسول المحتاج والمحتال.. وبعد أن كان فى السابق يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، انقلبت الحال بتلك الحيل والألاعيب المفضوحة ليحسبهم الجاهل فقراء من التسول!

ربما يجب الإقرار بأن هذا الشهر «الكريم» تجسَّدت معالمه فى وجود إقطاع فاجر ووجه قبيح لرأسمالية ظالمة، تُكرِّس وجود أقلية مستغلة، تملك كل شيء، وغالبية محرومة، لا تملك شيئًا، ما يجعل الاعتراف، أو الحديث عن عدالة اجتماعية متحققة، ترفًا لا وجود له، إلا فى مخيلة الكتَّاب والمنظرين!

أخيرًا.. ربما كانت ظاهرة التسول مصدر دخل دائم أو موسمى للأفراد على مدار العام، إلا أنه من الملاحظ أن الاقتصاد الهش لبعض الدول يجعلها أيضًا تلجأ لذلك، من خلال استدرار عطف «الأشقاء والأصدقاء»، واستجلاب مساعداتهم، باسم شعوبها الجائعة، فتلجأ أنظمتها إلى البكاء والعويل وطلب العون، حتى أنه يمكن تشبيهها بالشخص الذى يتسبب بـ«عاهة مستديمة» لابنه حتى يسلك طريق التسول!

[email protected]