عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سطور

(١)

قالوا تحب المدمس؟

قلت: بالمسلى.

والبيض، مشوى تحبه؟

قلت: والمقلى.

كتب تلك الأبيات الطريفة شيخنا الجليل العالم الزاهد المحب لخدمة الناس (محمد الحفني)، هذا الشيخ المصرى الأصيل المتفائل صاحب الشخصية القوية والمؤثرة، وصاحب روح الدعابة والمرح وخفة الظل أيضاً، والذى عندما تسمع أو تقرأ عنه فإنما تشعر على الفور بأنه كان أقرب للملاك منه إلى البشر! حيث عاش (الحفنى) حياته فى خدمة جميع الناس من حوله، وكان يبذل كل ما استطاع من جهد لرفع الظلم عنهم، والوقوف فى وجه الظالمين لهم والمعتدين عليهم الذين كانوا يأكلون حقوقهم، حتى يقال: أنه لم يمت ميتة طبيعية، بل مات مسمومًا على يد أحد أمراء المماليك الذين كانوا يحكمون مصر فى تلك الفترة؛ حيث ضاق هو وغيره من الحكام المتجبرين فى الأرض على عباد الله الذين ضاقوا من مواقف (الحفني) القوية والعنيدة وقوفًا فى صف الحق إلى جانب أهل مصر، وظل هؤلاء المماليك ينتظرون موته، ولما طالت حياته بسبب سلامة نفسه وقوة جسده واستقامته؛ لم يجدوا أمامهم الا أن يحتالوا بدسِّ السم له فى الطعام، ولم يجدوا أيضاً فى ذلك مانعا ولا رادعًا.

وسأروى لكم... 

وأنا فى طريقى من الإسكندرية إلى القاهرة الأسبوع الماضى، استمتعت كثيرًا بالاستماع لجزء لا بأس به من كتاب «دراسات فى تاريخ الجبرتى» للأستاذ محمود الشرقاوى الذى كان يتحدث فيه عن الشيخ (محمد الحفنى) أو (الحفناوى) ابن محافظة الشرقية، الذى ولد عام 1688م وتوفى عام 1767م عن عمر يناهز الثمانين عامًا، وقد حفظ شيخنا فى صغره القرآن الكريم، ثم تلقَّى العلم على يد كبار علماء عصره، ودرس بالأزهر الشريف، وهناك التف حوله الكثير من الطلاب الذين أحبوه وتعلقوا بأسلوبه البديع، وقد تولى مشيخة الأزهر منذ عام 1757م إلى أن توفاه الله. 

ويقول عنه الأستاذ (محمود الشرقاوى): كانت للشيخ الحفنى مهابة عظيمة، لا يستطيع كثير من جلسائه أن يتوجهوا إليه بسؤال لمهابته وجلالته، وكانت على إحدى عينيه نقطة، ومع ذلك فإن أكثر الناس لم يدركوا ذلك لأنهم كانوا يَغُضُّون العيون عن النظر إلى وجهه، وكان كرمه فائقًا الحد، ليس للدنيا عنده قدر ولا قيمة، لو سأله إنسان أعز شيء عنده أسرع فأعطاه له، ويجد فى ذلك سرورًا وانشراحًا، له صدقات ظاهرة وخفية، وراتب بينه من الخبز فى كل يوم نحو أردب، وطاحون البيت دائم الطحن ليلًا ونهارًا، وكذلك مدقات البن والسكر، يجتمع على مائدته الخمسون والستون، وينفق على بيوت أتباعه والمنتسبين إليه، وكل من طلب شيء من أمور الدنيا والآخرة وجده عنده، وكان كريم الخلق، حليمًا، جميل الصفات، يصغى لكل متكلم، ولو تكلم فى الخزعبلات مظهرًا له سروره ومحبته.

ولحديثنا بقية مع من قال فى أشعاره الشعبية العاطفية:

خطر على غزال مر ما اتكلم 

فوق جفونه، وقلبى والحشا، كلم 

إيش كان يضره إذا بالرأس لى سلم 

حتى أسر مهجتى لولا السلام سلم