عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

الفنان الشاب محمد رمضان التقيته ذات مساء فى إحدى المحطات الفضائية وكان نجمه قد بدأ فى الصعود وسألته أيامها عن حقيقة دور الفنان الكبير سعيد صالح فى اكتشافه كما اعترف هو شخصياً ذات يوم.. وجاءت الإجابة على لسان الشاب الصغير السن الممتلئ بالموهبة بشكل أسعدنى، ذلك لأن الوفاء أصبح عملة نادرة يصعب أن تعثر عليها هذه الأيام منذ تلك اللحظة احترمت محمد رمضان والاحترام بشخص شىء والإعجاب بما يقدمه من فنون شىء آخر وهنا أعود إلى محمد رمضان الفنان وأقول بل وأقر وأعترف أن لديه قدرة جبارة على التقليد وشخصية عجيبة تجعله قادراً على الوصول إلى أعلى مدى ممكن من الأداء وهو يمضى على طريقة أحمد زكى فهو يتبع خطاه ويقلد حركاته ويستعير صوته وهو أمر قد نعذر عليه رمضان فى البدايات ولكن ما هو عذره وقد أصبح لديه الملايين من المعجبين الذين يعتبرونه قدوة ويتخذون منه المثل الأعلى.. وإذا كان محمد رمضان متأثرا بهذه الدرجة المرضية بالفنان الكبير أحمد زكى فقد كان عليه أن يدرس جيداً خطوات أحمد زكى الواثقة الثابتة الهادئة منذ بدأ ومضى فى مساره إلى الأعلى على طريقة المرحوم كيسنجر خطوة خطوة حتى ناطح الكبار فى عالم الضوء وأصبح رأسه برأس عادل إمام ومحمود عبدالعزيز، وكان لاختيارات أحمد زكى الفضل فى الوصول إلى هذه المكانة الفريدة فى قلوب عشاق الفنون فى مصر والعالم العربى، ولو أننا نظرنا إلى ما خلفه هذا الفنان القدير سنجد تراثاً نباهى به ممثلين من أمثال باتشينو وروبرت دى نيرو ومايكل دوجلاس وأسوق هنا فيلمين اثنين فقط للموهوب أحمد زكى وهما عن العظيمين ناصر والسادات.. فى «ناصر 56» جسد أحمد زكى لحظة تاريخية لعلها أخطر ما تعرضت له مصر فى القرن العشرين عندما اعتدت «3» دول منها فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على بورسعيد فى هذا الفيلم استطاع أحمد زكى رغم الإمكانيات الضعيفة ولكن وبمعلمة المؤدى العبقرى والمخرج صاحب الإمكانيات الجبارة محمد فاضل.. استطاع أن يحقق أرقاماً قياسية فى الإيرادات.

وجدنا روح ناصر تبعث من جديد فى هذا العمل الفنى الراقى استعدنا ذكريات كنا قد قرأنا عنها وعشنا معها وتمنينا لو كنا أحياء نشهدها بأم أعيننا.. شعرنا بقشعريرة تغزو أجسادنا وهذا الشعب العربى الأبى الأصيل يقف ومعه رجل واحد مع قائده العظيم وابنه البار جمال عبدالناصر.. وبإمكانيات لا يمكن أن نقارنها بعتاد وعدة الدول العظمى وانتصرت إرادة هذا الشعب العصى على جميع الغزاة.. وخلد أحمد زكى هذه اللحظة فى تاريخ دولة الفن.. وصنع نفس الشىء مع أن الفارق رهيب بين شخص جمال عبدالناصر وقناعاته ومعتقداته وشخص أنور السادات وفكره وتطلعاته.. ومع ذلك استعرض أحمد زكى تاريخ هذا الرجل الذى كان أحد الكبار فى تنظيم الضباط الأحرار وكان الرجل الوفى لشخص جمال عبدالناصر ما بقى حياً.. ثم جاء ليحقق ما عجز عنه البطل ويعبر بمصر من هزيمة مذلة إلى نصر عظيم بعبور جيش مصر العظيم لمانع القناة المائى الأخطر والأكبر فى تاريخ الحروب ويعلن بدء عصر جديد، انتهى بإقرار السلام مع الدولة التى فتحنا أعيننا عليها عدواً مستميتاً لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض معها.. وفى هذا العمل أيضاً يواصل أحمد زكى عبقرية الأداء ليستدعى زعيماً مصرياً له فى تاريخنا تاريخ ويتحول الفيلم إلى شهادة الأجيال على مر العصور لقد استطاع أحمد زكى أن يترك خلال مسيرته الفنية خليطا متنوعا من الأدوار تلون خلالها كما تفعل الحرباء وحقق نجاحات لا أتصور أن أحداً اقترب منها فى عالم التشخيص فى هذا الجيل وحكاية تقليد أحمد زكى فى المظهر فقط سوف تحرق الفنان الجميل محمد رمضان ذلك لأنه جوهر ما يقدمه أى فنان هو الباقى وهو الميراث المتجدد القادر على تحدى الزمان.

لقد شاهدت مؤخراً حفلاً لمحمد رمضان حضره أكثر من «50» ألف شاب وفتاة.. وهو أمر لم يدهشنى لأننى أعلم أن هذا الجيل يبحث عن بطل له فى عالم الفن والضوء.. وأنه وجد ضالته فى شخص محمد رمضان ولكن الذى أدهشنى أن محمد رمضان قال كلاماً لا أستطيع أن أتقبله وأن أتفاعل معه أو أعتبره نوعا من الغناء ولا حتى نوعاً من الاستعراض أو الإبهار.. أنه نوع من أنواع التواصل بين الفنان والجمهور لقاء حى مباشر وسط أضواء متلألئة لا أكثر ولا أقل.. سمعت شيئا لا أستطيع وصفه اسمه «مافيا».. أنا مافيا.. مافيا.. مافيا.. ثم لا شىء بعد ذلك.. وبعدها «فيروس».. تصورت أنه سيغنى لمكافحة فيروس «سى» ولكنى اكتشفت أن الغناء أخطر من الفيروس ذاته وأشد فتكا منه.. ذلك لأنه انتشر بسرعة الضوء فى 50 ألف شاب وفتاة مباشرة.. ثم عبر الهواء والقنوات الفضائية إلى عشاق هذا الفنان الكبير وكنت أفهم أن يقوم السادة المسئولون عن الإعلام فى بلادنا باستثمار هذه الحالة من الهياج والشبق لرؤية محمد رمضان على المسرح يدندن ويستعرض عضلاته ويردد كلمة واحدة فقط لا غير «نامبر وان» أقول ما أجمل أن نوظف كل هذا الحب لمحمد رمضان فى عمل يفيد الناس ويعود بالفائدة أيضاً على البلد وعلى الفنان ذاته.. نحن فى حاجة إلى استعادة السلوك الحسن وهداية الناس فى مسائل مهمة مثل ترشيد استخدام المياه والطاقة والسلوك المعيب فى الشارع وفى المواصلات العامة وفى مدرجات الكورة وفى المسارح وفى دور السينما حتى مع الأسف مدارسنا أصبحت فى حاجة إلى إعادة انضباط لن يأتى من خلال الناظر والمدرس والأسرة فقط.. ولكن للفن بما له من هالة وفخامة سوف نختصر مسافات وأعتقد أن محمد رمضان عليه أن يلعب دورا وأن الدولة ممثلة فى وزير الإعلام الغائب عليها أن تواجه وسط دولة الفنون التى أصابها فيروس الاستسهال والاستهبال والاسهال.. فلم يعد هناك لها من ضابط.. ولا رابط ولا رقيب.. ولكن هل أصابت كل الأشياء وانتشر الفيروس الخطير فى كل المفاصل استطيع أن أقول لا.. بالفم المليان.. فها هو خالد جلال يقود كتائب للفنون تضفى جمالا على الصورة وتمنحنا أملا فى أن العلاج موجود ومتوفر وممكن وها هى دار الأوبرا المصرية تقوم بمهمة شاقة وسط طوفان البلاهة والجهالة.. ذهبت مؤخرا لاستمع إلى عزف الصديقة العزيزة الغالية إيناس عبدالدايم.. والحق أقول.. إننى استمتعت بمجرد دخولى إلى دار الأوبرا حيث احتشد المئات من عشاق الفنون وأدهشنى الحاضرون وجدت أمامى عمى منير عامر يتوكأ على عصاه.. فقلت له.. أنت بتخزى العين فضحك من أعماقه وأجاب.. لا يا أكرم أن الحوض انكسر ومش بأقدر أتحرك زى زمان وأحزننى منير عامر الأستاذ الكبير على أحواله الصحية.. ولكن أسعدنى هذا الإصرار وتلك المقاومة من أجل البحث عن المتعة والثقافة والاطمئنان على دور الفنون فى المجتمع ورسالة التنوير والرقى.. وجدت السيدة سميحة دحروج وهى تقول لى لم أرك منذ كنت «بيبى» صغيراً.. والسيد حسن حامد رئيس التليفزيون الأسبق ومجموعة من الوزراء جاءوا ليستمعوا إلى إيناس عبدالدايم ولكن قبل أن نستمع إليها كانت السعادة تتطاير فى أرجاء المكان بفضل العازفين علاء صابر حاوى يتلاعب على العود والموسيقار راجح داود أحد عباقرة العزف على الأورج ويا عينى على بيانو شريف اسحاق.. وأدهشنا الناى الحزين السعيد لهانى البدرى وعندما أقول إننى من عشاق هذه السيدة واتتبعها كلما ذهبت إلى أوبرا روما.. لم أشهد سيدة اتقنت العزف على الفلوت.. إلا.. هى ولا أخفى على حضراتكم.. أننى اندمجت مع عزف إيناس عبدالدايم وسرت كل حواسى وتمنيت لو أنها تفرغت لاسعاد الناس من خلال موهبتها العريضة.. وبعد الحفل.. وجدت إبراهيم خليل يقول لى:

أنا غسلت ودانى من التلوث السمعى اللى حصل فى طول السنين اللى فاتت شكرا للأوبرا المصرية.. وشكرا للغالية العزيزة الموهوبة المتألقة إيناس عبدالدايم.. التى أعتبرها بالفعل نمبر وااان لأن ما تقدمه من فن.. هو.. الدايم.