عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ذكريات قلم مؤرخ

 

لم أشاهد فيلم ثورة 19 لظروفى الصحية رغم اننى تكلمت أمام الكاميرا فى الاستديو الذى تم انشاؤه فى منزلى تحت إشراف الزميل الكبير شريف عارف.. أقول تكلمت لمدة ثلاث ساعات.. ويبدو أن المونتاج ضاق بالكثير من الحكايات.. منها حكاية عن الرقابة على الصحف عن طريق الاحتلال البريطانى والذى استمر بعد الاحتلال مع الأسف مع الأحكام العرفية غير المعلنة!! والمعلنة من مزايا حكومات الوفد كلها سواء أيام سعد زغلول أو حكومات مصطفى النحاس!! كان أول قرار هو إلغاء الأحكام العرفية.. وتمر الأيام لتعلن الأحكام العرفية طوال ثورة يوليو!! التى ترفع شعارات هى أبعد ما تكون عنها.. على العموم مصر مرت على أزمات كثيرة انتقدتنا من أجلها جمعيات حقوق الإنسان الأجنبية والدولية.

«<>

أكتب هذا لأنشر إحدى الحكايات الطريفة خلال 19.. يوم 12 يناير حينما رفض المندوب السامى البريطانى السماح لسعد زغلول ورفيقيه السفر إلى باريس لحضور مؤتمر الصلح بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لطرح قضية مصر.. ارتفعت وتيرة سخط المصريين على انجلترا.. وصل غليان الرأى العام إلى مداه.. فى منزل حمد الباسل وهو فى مواجهة بيت الأمة منزل سعد زغلول فى شارع الداخلية «شارع ضريح سعد حاليا».. فى هذا المنزل الذى يمتاز بحديقة واسعة جدا وأيضا حوش كبير.. تجمع الناس كل الناس فى شارع الداخلية أمام منزل سعد زغلول الذى كان يجتمع ببعض رجال الوفد فى منزل الباسل باشا..ما إن علمت الجماهير أنه في هذا المنزل حتى تجمعوا في الحديقة والحوش بالآلاف، وخرج سعد للجماهير وألقى خطاباً ساخناً.. ثم أعلن قرار الوفد بعد المنع من السفر وهو إرسال تلغراف إلى الرئيس الأمريكى ويلسون الذى أعلن عن مبادئ أمريكا فى الحرب لكل الشعوب فى اليوم السابق لثورة 19.. ثم أعلنت أمريكا 14 مبدأ يقدس للحرية «حتى فى المستعمرات لسكانها نفس حقوق الشعوب ومراعاة مصالح البشر» وهو الإعلان الذى أعطى أملاً كبيراً للشعب المصري.. وأرسلوا نفس البرقية إلى جورج كليمنصو رئيس وزراء فرنسا ورئيس مؤتمر الصلح..

«<>

أصل إلى ما أريد أن أقوله وهو طرائف الرقابة على الصحف والأحكام العرفية!!

مصر كلها علمت بالاجتماع الضخم العفوى الذى جمع كل الناس بلا ترتيب ولا إعلان ولا اتفاق.. وكان طبيعياً أن تنشر جريدة «الأهرام» الخطاب الساخن الارتجالى لسعد زغلول.. وأيضا القرارات.. فاعترضت الرقابة على الصحف.. وكانت مشكلة.. كان هذا الاجتماع الخطير هو موضوع الصفحة الأولى.. الخطاب طويل وهناك قرارات مانشيتات كبيرة.. فى نفس الوقت كان الاجتماع أهم وأخطر اخبار فى هذا اليوم ولا يمكن لجريدة كبرى مثل الأهرام أن تتجاهل هذا الحدث.. ماذا فعل صاحب الأهرام لكى يذكر أن كان هناك اجتماعا سياسيا ضخما ولا يذكر شيئا ضد السلطة؟... كتب الأهرام الآتى:

«<>

دعا أمس حمد الباسل عضو الجمعية التشريعية جماعة كبيرة من أعيان العاصمة والأقاليم إلى تناول الشاى فى منزلى،فلبى الدعوة 159 ذاتا ووجيها وأديبا.. فأقام فى حديقته الواسعة سرادقا جميلا نسقت فيه الكراسى والمقاعد على طراز جميل. ثم قدمت الحلوى وأطيب المأكولات والمشروبات للحاضرين مع الشاى والقهوة، فقضى الجميع وقتا جميلا من الساعة الرابعة إلى السادسة بعد الظهر مع أطيب الأحاديث وأهمها... ثم انصرفوا رويدا رويدا وهم يتحدثون ويشيدون بفخامة هذا الاجتماع وأهميته وتحدثوا بفضل الداعى وكرمه!!!!

طبعا لم يذكروا وجود سعد زغلول وخطابه الساخن!!! بأمر الرقيب الذى وافق على هذه الفقرة السابقة التى كانت بأحرف كبيرة جدا مع بعض الصور لتغطية فراغ الصفحة الأولى! لانقاذ العدد ونزوله السوق ولكن الناس كانوا يعلمون الحقيقة فقد كان تعداد مصر عدة ملايين قليلة... على العموم أسوأ رقابة أيام ثورة يوليو وكان الرقيب العام أنور السادات لعلاقته السابقة بالصحافة ثم فكر السادات أن يترك هذه المهمة وأصر عبدالناصر على بقائه.. وأخيرًا وصلت الثورة إلى فكرة عبقرية - رئيس التحرير هو الرقيب... فظهرت الرقابة القاسية بدون أى اعتبار وبدون أى احترام لأى قلم له تاريخ والخاسر هو الصحافة.